
بقلم :
حاجه فضل كرنديس
تعكس الأحداث في الخرطوم أزمة عميقة في بنية الدولة السودانية، حيث أظهر قرار الحكومة في بورتسودان بشأن إخراج التشكيلات المسلحة من العاصمة رفضًا حاسمًا من قبل القوات المشتركة، مما يكشف عن غياب سلطة مركزية فعالة ووجود فراغ في اتخاذ القرارات. كما أن إعادة تدوير دعم قوات الدعم السريع ضمن القوات المشتركة يزيد من تعقيد الوضع، وعند إرفاق ذلك بفرض وزارات مثل المالية والمعادن على حكومة بورتسودان، فإن الصورة تتوضح أكثر بأنها تعكس سيطرة المليشيات على مفاصل الدولة، مما يرسخ حالة من الفوضى وانهيار المؤسسات بشكل كامل.
أما الأخطر فهو اعتماد الحكومة على تفكيك الجيش الوطني والاعتماد على المليشيات والمرتزقة، مما أدى إلى تسليم السلطة لأطراف لا تؤمن بمفهوم الدولة، وإنما بمصالحها الخاصة فقط. وفي ظل هذه الظروف، وبحربها العبثية، يصبح الحل معقدًا ويحتاج إلى جهود وتضحيات كبيرة. الحل الوحيد يتمثل في توحيد الصف الوطني ومحاسبة صانعي الحرب من جيوش ومليشيات متعددة، برعاية المؤتمر الوطني، مع الاستعداد لتحمل تبعات هذا الخيار مهما كانت صعبة، وإلا فإن الدولة ستظل تتدهور بشكل مستمر، وسط مطامع إقليمية ودولية واضحة للجميع.
هذه المرحلة المفصلية تتطلب من ممثلي الدولة، خاصة العسكريين من جيش ومليشيات وحركات مسلحة، الابتعاد عن السلطة لإنقاذ البلاد، وإلا فإن المخاطرة بانهيار السودان تصبح حتمية من أجل الحفاظ على مصالحهم. الوقت ليس في صالح الانتظار، والتحرك السريع والجاد هو السبيل الوحيد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
Leave a Reply