
أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة
حزب البعث العربي الاشتراكي
قيادة قطر العراق
أمين السر
بسم الله الرحمن الرحيم
مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا
صدق الله العظيم
يا أبناء شعبنا العراقي العظيم
يا أبناء أمتنا العربية المجيدة
أيها المناضلون البعثيون في كل أقطاركم العربية وفي كل المهاجر التي اضطرتكم ظروف المواجهة مع أعداء أمتكم وأعداء مبادئكم إلى التواجد المؤقت فيها.
أيها الأحرار في كل مكان
في فجر يوم الأربعاء السابع عشر من تموز الخير عام 1968، وقبل سبعة وخمسين عاماً، كان فرسان البعث المناضلون على موعد مع القدر، ليرسموا خريطة جديدة لمسار الأحداث في العراق والوطن العربي والمنطقة، عندما استجابوا لنداء الضمير العربي للاضطلاع بدورهم التاريخي الذي ألقت به على عاتقهم ظروف التجزئة والتخلف، كلما انحرف عن طريق العروبة والنضال القومي والوطني، ليعيدوا العراق إلى النهج والطريق القويم، بعد أن أوشك أن ينحرف عن الخط الذي سار عليه مئات السنين.
أيها العراقيون الأباة
لم يكن نجاح رفاقكم الذين وضعوا أرواحهم على أكفهم فجر السابع عشر من تموز عام 1968 ضربة حظ بل نتيجة خطة مُحكمة حرِصت فيها قيادة البعث على أن تُنفذَ، صفحات الثورة بأقل الخسائر وأعلى صور المجد، فاكتسبت بحق صفة الثورة البيضاء، ولقد انطلق منفذو الثورة من مقراتهم إلى أهدافهم بعزم وإصرار، لم يضعوا في حسابهم مفاضلة بين نجاح وفشل، بل كان عزمهم على تحقيق النصر ولا شيء سواه، فالمفاضلة كانت محصورة بين نصرين ولكن أيهما أكثر إشراقا وألقاً وأملاً بغدٍ أفضل ومستقبلٍ مشرق.
يا أبناء شعبنا العظيم
يا أبناء الأمة العربية المجيدة
عندما هب أبناء العراق الغيارى فجر السابع عشر من تموز، لم تكن السلطة هدفهم إلا بقدر ما تتيح فرصة وضع منهاج الحزب موضع التنفيذ، وإلا بقدر ما تسمح لهم حل الأزمات الداخلية الموروثة والمزمنة لا سيما قضية شعبنا الكردي العزيز، وكذلك تنفيذ برامج تُحققُ التنميةَ الاقتصاديةَ المتوازنة والاستثمار الوطني لكل ثروات العراق التي ظلت حبيسة أرضه أو نهباً للاحتكارات الدولية الجشعة، تنمية حقيقية تركز على مفهومي السيادة الوطنية وحرية القرار السياسي والإرادة السياسية المستقلة.
لقد تميّز نهوض البعث بذلك العمل الإقدامي الشجاع، بتجسيده لأهداف العراق والأمة من خلال رؤية تاريخية وسياسية عميقة بعيدة المدى، تهدف لقطع الطريق على التيارات الشعوبية من التحكم بخيارات العراق المستقبلية فقد سادت هذه التيارات بحقبة طويلة وذهبت بالعراق بعيداً عن انتمائه العربي الأصيل، فتحكمت في أهله قوى شريرةٌ، تارةً باسم الخراساني وتارةً باسم البرامكة، وثالثة عن طريق احتلاله بصورة مباشرة من قوى طامعة بموقعه الجغرافي المتميز كطريق لإقامة امبراطوريات كبيرة على حساب مصالح الشعوب، أو بثرواته ومياهه وأرضه الخصبة، وتراث أهله العريق الذين أقاموا أعظم الإمبراطوريات التي شهدها العالم القديم.
تأسيساً على أحداث تاريخية سجل العراقيون فيها أروع صفحات البطولة، مما حدد التوازنات السياسية والعسكرية بين أهم مراكز الاستقطاب في العالم القديم، حيث تؤكد الحقائق التاريخية سطوة بابل وتحكمها بكثير من اتجاهات الامبراطوريات القديمة، فتؤكد مقولة “لن يستطيع أن يحكم الجهات الأربع إلا من امتلك القدرة على حكم بابل” فبابل هي العالم أجمع، وكما أن بغداد اليوم ترمز إلى العراق، فإن بابل القديمة هي التي ترمز إلى العنفوان العراقي بكل تجلياته.
أيها العراقيون الأماجد، ونحن إذ نُحي في هذا اليوم ذكرى ثورتكم المجيدة في السابع عشر من تموز 1968، فإنما نستعيد كل ما رافق لحظات التنفيذ ثم تحقيق النصر في الساعات الأولى من فجر يوم الثورة، ومن حقنا بل من واجبنا أن نستذكر بفخر دور كل الرفاق الذين ساهموا في الثورة، ابتداءً من اليوم الأول الذي طفقت فيه قيادة الحزب في إعداد خطط تنفيذ صفحات الثورة واختيار البدائل تباعاً حتى تم إقرار الخطة في صيغتها النهائية ومع ذلك ومع كل الاحترازات التي اعتمدتها قيادة الحزب، فقد تسلل جيب عميل أراد أن يجهز على الثورة باسمها ومن داخلها، ولولا يقظة فرسان البعث لكانت الثورة في مهب الريح، فكانت الخطوة اللاحقة هي تصفية الجيب المتسلل إلى صف الثوار، وهذا ما تحقق في الثلاثين من تموز أي بعد ثلاثة عشر يوما، مرت ثقيلة على كل بعثي وعراقي شريف كان يضع يده على قلبه خوفاً على تجربة الثورة الوليدة.
واليوم نرى أن ثورة السابع عشر الثلاثين من تموز، كان أول رد عربي ناضج على نكسة حزيران 1967، لأنها كانت ذات تصور فكري عميق يعتمد الحل الثوري للقضية الفلسطينية، في وقت كان الحديث عن هدف التحرير يصطدم بعقبات شتى من قبل التيارات التي تزعم اليوم أنها تدافع عن حق الشعب الف-لسطيني، ونسيت أو تناست كيف أنها كانت من أشرس أعداء الشعب ال-فلسطيني وتتحرك بدأب في الساحات العربية سياسياً وإعلامياً وأمنياً لملاحقة أي نشاط شعبي جند نفسه لخدمة هدف التحرير.
ولأن ثورة تموز كانت ثورة الطريق الجديد، فقد حشّدت قوى الثورة المضادة، كل ما يتاح لها من قوة للتآمر على العراق، بلد التجربة الجديدة التي خرجت عن كل الخطوط الحمر التي رسمها أعداء العراق وأعداء الأمة العربية، فتم تجنيد شبكات التجسس الصهيو-نية، ومن بعدها تم التآمر بصورة مباشرة لإسقاط الثورة في بداية طريقها، ولما عجز الأعداء في كل مخططاتهم، انتقلوا إلى الرمي بكل ثقلهم في التخطيط بعيد المدى، فتم تغيير نظام حكم الشاه محمد رضا بهلوي، وجيء بنظام ثيوقراطي في غاية التخلف، من أجل ترك المنطقة تعيش في دوامة عنف مذهبي وطائفي لاسيما بعد أن وصلت القوى الدولية الكبرى إلى يقين بفشل وظيفة زرع الكيان الصهيو-ني في قلب الوطن العربي، في إثارة الانقسام بل على العكس من ذلك، فقد توحد الموقف العربي الرسمي والشعبي في مواجهة المشروع الصهيو-ني التوسعي، لذلك تفتق ذهن مخططي الاستراتيجيات الدولية فوضعوا مخططاً يتلخص بإشغال المنطقة بنفسها، بحر-وب بينية وذلك بإثارة النزعات الطائفية والعودة بالمنطقة إلى خلافات تعود إلى أربعة عشر قرناً، لم يتفق فقهاء الأمة على حلها، وبهذا تلخص دور نظام خميني الوظيفي بإشغال المنطقة بنفسها بحر-وب بينية، حتى تتمكن قوى الشر من تمرير مؤامراتها والمحافظة على مكتسباتها وفرض الخيارات التي رسمتها مراكز التخطيط الاستراتيجي للقوى الدولية الكبرى، وهكذا تمكن أعداء العراق وأعداء الأمة من احتلال العراق في التاسع من نيسان 2003 والإتيان بأفسدِ ما عرفته البشرية في تاريخها من نظم سياسية، فقد أصبحت المجاهرة بالارتباط بدوائر الغرب والشرق شرفاً لمن اختار هذا الطريق الشائن، وفي أحسن الأحوال أصبح ذلك مجرد وجهة نظر وليست خيانة عظمى، وأصبح التلاعب بالمال العام والمضي في دروب السر-قة والسط-و على الممتلكات العامة شطارة وليست جر-ائم مخلة بالشرف.
إن الشعب العراقي الذي ذاق الأمرين خلال أكثر من اثنان وعشرون سنة قاحلة عجفاء، وبدأ يتلمس الفرق بين الحكام الذين نصبتهم أمريكا وإيران، وبين القادة الشرفاء الذين خرجوا من بين صفوف الجماهير من أجل خدمتها الخدمة النزيهة والتي تتسم بكل الصفات الحميدة والقيم السامية، إن هذا الشعب لقادر على إعادة المسيرة إلى طريقها الصحيح طريق الأمة المتطلعة إلى العلياء والسمو الوطني والأخلاقي.
تحية اعتزاز لقادة الثورة الرئيس احمد حسن البكر وصدام حسين وصالح مهدي عماش رحمهم الله.
تحية لقيادة الحزب القومية.
تحية لكل الرجال الذين كان لهم شرف المشاركة والإسهام في الثورة المجيدة وتنفيذها وفي مسيرتها اللاحقة وإنجازاتها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرفيق أبو خليل
أمين سر قيادة قطر العراق
لحزب البعث العربي الاشتراكي
بغداد الرشيد
17 تموز 2025
22 محرم 1447
Leave a Reply