الذكاء الاصطناعي لا يصنع الكاتب.. بل يمنحه أفقاً جديداً

امجد السيد

في زمن تتسارع فيه التقنيات وتتشابك فيه أدوات الإنتاج المعرفي برز الذكاء الاصطناعي كأحد أكثر الابتكارات تأثيرا في حقل الصحافة ليعيد صياغة العلاقة بين الكاتب والمعلومة وبين المتلقي وصانع المحتوى ومع هذا الحضور المتزايد تكثر التساؤلات بل والشكوك هل أصبح الذكاء الاصطناعي بديلاً للكاتب الصحفي؟ هل يستطيع هذا الذكاء أن يمتلك ذات القدرة على الإحاطة بالمعلومة تدقيقها وتحليلهاكما يفعل الصحفي البشري؟ بل هل يمكن للآلة أن تحل محل التخصص الصحفي؟

للإجابة على هذه الأسئلة لا بد من تمييز جوهري بين الأداة والفاعل

الذكاء الاصطناعي أداة لا عقل

الذكاء الاصطناعي مهما بلغت قدراته التقنية  يظل أداة صنعها الإنسان هو لا يمتلك وعيا ولا ضميرا مهنيا ولا موقفا نقديا هو يتعامل مع كم هائل من البيانات لكنه لا يفهمها بالمعنى البشري للفهم بل يعالجها لغويا وإحصائيانعم يستطيع أن يلخص يصيغ ويقترح زوايا جديدة لكنه لا يستطيع أن يعيش التجربة الصحفية ولا أن يقدّم رواية إنسانية متكاملة ذات عمق سردي وفكري.

الصحفي لا يُقاس بعدد المعلومات التي يعرفها فقط بل بقدرته على التحقق والتحليل  واختيار الزاوية وصياغة السياق وهي قدرات تتطلب وعيا معرفيا  وشعورا بالمجتمع ومسؤولية تجاه الحقيقة.

هل الذكاء الاصطناعي دقيق وموثوق؟

يتغذى الذكاء الاصطناعي على بيانات موجودة مسبقا لكنه لا يميز بين الموثوق والمُضلل ما لم يُبرمج على ذلك وبالتالي فإن دقة معلوماته تعتمد على المصدر الذي استقاها منه، وليس على أي حس نقدي ذاتي أما الصحفي فهو يخضع لمهارات التحقق ولأخلاقيات المهنة ويتحمل مسؤولية ما يكتب.

وفي القضايا المتخصصة كالاقتصاد والسياسة والقانون تزداد الحاجة إلى فهم معمّق لا توفره مجرد معالجة معلومات. فالتغطية الاقتصادية مثلا تتطلب معرفة بالسياسات النقدية ومتابعة لأسواق المال وفهم للسياقات المحلية والدولية والذكاء الاصطناعي قد يساعد في جمع البيانات لكنه لا يملك القدرة على فهم تأثير القرار الاقتصادي على طبقات المجتمع المختلفة ما لم يرشده عقل إنساني متخصص.

الذكاء الاصطناعي يعزز الكاتب ولا يلغيه

من الخطأ أن يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كخصم للكاتب بل هو شريك مساعد الكاتب الذكي هو من يوظف الذكاء الاصطناعي كوسيلة للتطوير والتنقيب السريع وتحرير الأفكار دون أن يتخلى عن صوته الخاص ورؤيته الصحفية.

إنّ التقنية لا تصنع شخصية الكاتب ولا تحل محل معايشته للحدث ولا تجيب عن سؤال “لماذا؟” كما يفعل قلم مدرب على التفكير النقدي. وحتى المقال الأفضل إنتاجا بالذكاء الاصطناعي يحتاج إلى لمسة إنسانية تحوله من جملة منسقة إلى نص حي.

الخلاصة الكاتب الصحفي لا يُصنع بل يصقل

الذكاء الاصطناعي لا يُنتج كاتبا لكنه قد يسهل على الكاتب الحقيقي الوصول إلى أدوات معرفية وتنظيمية تعزز من جودة عمله الكاتب يُصقل بالقراءة والميدان والاشتباك مع المجتمع والتدريب والأخلاقيات.

الكاتب ليس مجرد منسق معلومات بل هو شاهد ومحلل وناقد ومؤثر. وهذه أدوار لا يمكن لأي خوارزمية أن تؤديها ب

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.