الداير تسالي منو؟!

بقلم: سهل الطيب

#ملف_الهدف_الثقافي

من صينية التجاني الماحي أركب الحافلة “الروزا” الكبيرة الماشية السوق الشعبي.

الليلة وقفت شوية، جاءت حافلة من الفتيحاب أظنها ماشية السوق الشعبي أمدرمان.. والكمساري كورَك: “شعبي شعبي”. الحافلة تقريبًا كانت فاضية، جلستُ في المقعد وراء السواق وبعدي جاء ولد شايل طبق تسالي وقال للكمساري: “عندي مئة واحدة والمئة التانية بديك بيها تسالي لو داير.” الكمساري قال له: “ما عندك مشكلة، وتعال بطبقك ده اقعد في المقعد الجمبي عشان ما تضايق الركاب.” الكمساري رجع يكورِك: “شعبي مقاعد شعبي مقاعد”، وفجأة جاء قال للولد: “أديني التسالي بتاعي” وفعلاً شال تسالي بمئة وذاقه وهو فرحان، كأنه اكتشف حاجة. وقال للولد: “تاني جيب بمئة ونكون حبايب.” السواق كان ملاحظ الحكاية، وقال للكمساري: “يا الفاتح يا ولدي اشتري لي معاك تسالي بثلثمئة” وعاين للولدين الراكبين جمبه وغمز لهما: “أنتو دايرنها تجيكم مقشّرة أكتر من كده.. اشتروا تسالي من الولد ينوبكم ثواب، ولد صغير وسوقه ضارب.”

أثناء ما الحافلة ماشية، كم نفر مسكتهم العدوى، واشتروا تسالي والكمساري لما يجي يرجع للزول الباقي يسأله بظرافة: “داير باقي ولا تسالي؟”

لحد ما وصلنا السوق الشعبي، كان ناس كتار من الركاب اشتروا من الولد تسالي.

القصة مش قصة ولد بيبيع تسالي، القصة في إنو الحاجات اللطيفة بتتنقل بسهولة من زول لزول بنفس اللطافة والصدق الإنساني.. حتى النقاشات الفظة بين الركاب، مرات في تعليق لطيف بيطفي الشكلة ويخلي الناس تركّز معاه وتَبطل النكد.. صناعة اللطافة ما بتحتاج مجهود كبير.. والله جد.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.