القرارات الفردية والقطيع


د- فالح حسن شمخي

خرج علينا القائد الكردي عبد الله اوجلان معلنا انتهاء مرحلة الكفاح الشعبي المسلح بجرة قلم كما يقولون ، ودعى تابعيه ببيانه الفردي الذي لا نعرف الظروف الذاتية والموضوعية التي تقف وراءه ، وهنا اسدل الستار على تضحيات الشعب الكردي في تركيا على مدى سنين وكأن شيئاً لم يكن ، والغريب بالأمر هو استجابة حزبه لقراره من غير مناقشة او اعتراض ، وكأنهم موظفين في شركة مالكها السيد اوجلان ، حتى الأكراد الذين يعيشون في اوربا والذين خرجوا بآلاف ايام اعتقاله ، لم نسمع لهم صوت معارض للقرار ، وهنا نقول هذا هو سلوك القطيع الذي حذرنا ونحذر منه .

بيان اوجلان اكد لنا طلب الامريكان من الشهيد صدام حسين الخروج من على شاشة التلفاز ليدعو المقاومة العراقية للاستسلام وإلقاء السلاح ، وبالمقابل العفو عنه او تسفيره لاي دولة اخرى ، تأكد لنا اليوم وبشكل لايقبل الشك ان الشهيد رفض رفضا قاطعاً الطلب ، فكانت النتيجة لرفضه هي الاعدام في اول يوم من ايام عيد الاضحى.

هناك من يقول ان الزمن قد اختلف ، فزمن الذكاء الصناعي ووسائل التواصل الحديثة والحداثة والتجديد هو غير زمن الأيدلوجيات والحركات الثورية التحررية ، وبالتالي السلام يجب ان يعم العالم ولكن اي سلام هو ، السلام على المقاسات الامريكية ، السلام الذي يعني الذل والهوان والعبودية لأمريكا ، وبالتالي تنفيذ كل مخططاتها التي تريد تشكيل العالم وبالذات عالمنا العربي والشرقي بموجبها .

لقد ترك بيان اوجلان ومشاهد تسليم السلاح وحرقه ، التركيز على رمزية الحرق ونطرح السؤال لماذا الحرق ؟

لقد ترك البيان اثر سلبي على كل حركات والمقاومة والتحرر ، لكنه اثار سؤال وهو هل كانت حركة الشعب الكردي المسلحة التحررية على خطأ ؟

وهل تستطيع الشعوب نيل حريتها بالحلول السلمية والبيانات الفردية؟

الجواب واضح في قصف الطائرات التركية لمدينة دهوك بعد بدء التسليم والحرق ، الجواب هو اهانة مندوب امريكا باراك اكراد سوريا ودعوته لهم بإلقاء السلاح والعودة إلى ماكانوا عليه قبل الاحداث ، وتناسى هذا المندوب ان امريكا سلحت ومولت ودعمت اكراد سوريا على مدى سنوات ووقفت بالضد من تركيا عضو الناتو .

هل تحولت الشعوب بتطلعاتها الى لعبة تحركها الإدارة الأمريكية ، ومالذي سيجلبه التفاوض على احلال السلام في غزة للشعب الفلسطيني بعدما تلقي المقاومة الفلسطينية سلاحها وكذلك المقاومة اللبنانية؟

هل عفى الزمن على الحركات والأحزاب الثورية وايدولوجياتها وشعاراتها وتحول الأعضاء إلى حرس قديم ، او أتعبهم النضال ليتبعوا او يتمنوا بياناً كبيان اوجلان لكي يتقاعدوا عن النضال ويتركوا الحبل على الغارب لأمريكا ، ويقبلوا عيشة الذل والهوان ، العيشة التي تم مشاهدتها على التلفاز ( ترامب يهين خمس رؤساء إفارقة كانوا في اجتماع معه) ؟

اخيرا اقول ان هناك أهزوجة عراقية تقول (شلك بالروح تباريها الموت اولها وتاليها)، واقول علينا دراسة التجربة الفيتنامية والصينية والجزائرية والمقاومة العراقية والثورة الفلسطينية وكل التجارب التي خاضتها حركات التحرر وانتصرت فيها ، وان الا نقتدي بتجربة حزب ال (ب ك ك )، علينا ان نواصل النضال القومي والطبقي وتحت شعار ( الكفاح الشعبي المسلح ) ( ولاصوت يعلوا فوق صوت المعركة )و ( التحرير يمر عبر فوهة بندقية )، وان لا نقدس الاشخاص ، فالبشر يمرون بحالات ضعف ، اما الفكر والانتماء العقائدي فهو دائم لاسيما النضال لتحقيق التحرر والعدالة الاجتماعي .

اختم بالقول:

( ان وضع الاكراد يختلف عن وضع غيرهم الذين يقعون تحت الاحتلال الاستيطاني ويناضلون لاجل تحرير بلادهم او لنيل حق التقرير المصير.

وضع الاكراد هم جزء من ازمة الداخل التركي . وهناك صفقة دولية ادت الى وضع حد لتوظيف مطالبهم السياسية في اطار الدولة التركية).

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.