
أحمد الليثي
حين تُختطف السياسة من معناها النبيل كفنٍّ لإدارة الاختلاف، وتُختزل إلى صراع على الغنيمة والسلطة، تتحوّل من أداة للبناء إلى أداة للهدم.
في السودان، لم تكن المشكلة يومًا في غياب الساسة، بل في غياب السياسة… كمنهج، كأخلاق، كمصلحة عامة.
لقد سُمّمت الحياة السياسية عبر أدوات متعددة، منها على سبيل المثال لا الحصر:
• احتكار الخطاب: حيث يُقصى المخالف، لا بالنقاش بل بالتخوين أو التكفير.
• التحالف بين المال والسلاح والدين: مثلثٌ شيطاني حوّل الدولة إلى مزرعةٍ، والشعب إلى رهينة.
• تديين الصراع السياسي: فكل خصم يُقدَّم كعدو لله، لا كمواطن له رأي مختلف.
• غياب التداول الحقيقي: فالأحزاب تُدار كطوائف، لا كمنصات وطنية.
في هذا المناخ، تُقتل حرية التعبير، وتُشوَّه القيم، ويتحول الولاء من الوطن إلى الأشخاص، من المبادئ إلى الامتيازات.
السودان اليوم لا يفتقر إلى الأصوات، بل إلى المساحات النظيفة التي تُنبت فيها السياسة دون سموم.
الخروج من هذا الوضع لا يتم إلا بإعادة السياسة إلى أهلها الحقيقيين:
أولئك الذين يرون في الحكم تكليفًا لا تشريفًا،
وفي الاختلاف فرصة لا خطرًا،
وفي الوطن معنى… لا مجرد مقعد.
Leave a Reply