نانسي عجاج: الحرب ضد الفن بدأت قبل الطلقة الأولى خوفًا من قدرته على التأثير

#ملف_الهدف_الثقافي

قالت الفنانة نانسي عجاج إن على الفنان دورًا خاصًا ومسؤولية أخلاقية تتعاظم في زمن الأزمات. وأكدت أن من يقودون الحرب في السودان عرفوا منذ البداية خطورة الفن، وقدرته الخارقة على التأثير، فشنوا عليه حربًا مبكّرة، الحرب ضد الفن بدأت قبل الطلقة الأولى، قبل أن يُهدد الوطن بالسلاح. تمثّلت هذه الحرب في تدمير بيئة الإنتاج، في إفقار الفنانين، في اختراق الوسط الفني وتشويهه، وفي خلق تيارات موازية للفن الجاد تحمل مضامين سطحية أو عنفية.

وشنت نانسي عجاج هجومًا على الأصوات التي ظهرت خلال الحرب بأغانٍ تمجّد الحرب وتزدري الخصم، معتبرة هذه الأغاني تعبيرًا عن خطاب الكراهيَة، لأنها تُستخدم كأداة تعبئة وتحريض. وأكدت أن تأثيرها مباشر، وخطرها كبير، لأنها تلبس ثوب الفن بينما هي في الحقيقة تعبير عن النزعة التدميرية داخل الصراع، غير أن هذا الفن المحرّض، حتى لو بدا ناجحًا للحظة، فإنه لا ينتصر أخلاقيًا، لأن الفنان الذي ينحاز بوعي أو بدونه لمعسكر ما بقناعة شخصية، ويظن أنه بذلك يمارس دوره الطبيعي، فإنه دون إدراك لنتائج موقفه يصبح أداة تأجيج.

وأبانت عجاج في حوار مع مجلة “أفق جديد” أن الفن المقاوم يجب أن يحمل هم الإنسان، يسعى للسلام، ويعمل على بناء جسر لا حفرة، لأن صوت الفنان يصل أبعد، وعليه أن يستخدم هذا الصوت في قول ما يجب أن يُقال، فالمسألة ليست مجرّد شهرة أو متعة، بل التزام وجداني. وعزت نانسي هذا التباين في مواقف الفنانين لارتباطه بمدى وعي الفنان لذاته، لأدواته، ولفكرة التأثير، فالفنان الذي يمتلك وعيًا حقيقيًا لا يمكنه أن يتجاهل حجم التأثير الذي يُحدثه صوته، وأن الفن حين يُوظف إنسانيًا، فإنه يصبح قوة تغيير، لا مجرد وسيلة ترفيه.

ووجهت الفنانة نانسي عجاج رسالة لكل السودانيين، داخل البلاد وخارجها، أن الحرب لم تستثنِ أحدًا، وأن الجميع مدينون لها بجراح من نوع ما. لكننا وفي خضم هذا الحزن علينا أن نتذكّر النصف المليء من الكوب، بأن كارثة الحرب قد كشفت أقنعة كثيرة، وفضحت فسادًا وظلمًا طالما صمتنا عنه. وأن الأمل اليوم أن تضع هذه التجربة البشعة أساسًا جديدًا لبناء وطن أكثر عدالة وإنصافًا، فالتغيير يبدأ من المعرفة، من التعرية، من فضح القبح، ثم مقاومته، ثم تجاوزه.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.