
بقلم: سهل الطيب
#ملف_الهدف_الثقافي
أبوي قال لي بتعرف إدريس؟ قلت ليهو إدريس ياتو؟ قال لي إدريس الغسال الجديد الشغال مع سعيد المكوجي.. قلت ليهو ايواااا يا حاج قصدك إدريس البقولو ليهو إدريس الخِلاقة؟
أصلًا سعيد المكوجي لما أمورو زبطت جاب ليهو زول يغسل، وهو اكتفى بالمكوة.. الزول دا هو إدريس.. زول في بداية الشباب، ومصاب بإعاقة “رجلو الشمال مبتورة”.. وكانت قعدتو قدام المحل غريبة شوية، لأنو عمل حفرة صغيرة بدخل فيها الرجل السليمة، وجاب لستكين للطشت بدل واحد، ورص طوب وبلّطو بالطين، عشان يبقى مقعد وفرش فيهو مخدة.. المهم محل قعدتو دا جهّزو بطريقة غريبة شويه.. كان بقعد برة الدكان قعدة واحدة لحدي ما يخلص غسيلو، ومابرفع راسو نهائي عشان يشوف الناس المارين قدامو، إلا لو ألقيت عليهو التحية فيرد “اليكمووو اسلامو ورهمتو الله وبركاتو” معاها رفعت راس صغيرة وابتسامة كبيرة.. مرات فجأة يوقّف غسيل، ويكون مدنقر ماسك قطعة الهدوم في يدو وسارح، سرحان مفاجئ كأنك ماسك الريموت تحضر في فيلم وتعمل إيقاف وترجع تعمل تشغيل.. في لحظة سرحانو دي ما بسمعك كان سلمت عليهو أو ناديتو، مع إنو متعود يرد السلام حتى على الأطفال والكبار البسلمو عليهو في الفاضي والمليان.. نظام تشغيله. إدريس عندو عادة تانية إنو مابفوت صلاة جماعة أبدًا، وإنو عندو صينية قديمة مطرقعة، كلو فترة بشيلها يمشي بيها الدكان، يشتري بلح يغسلو كويس ويشيلو الجامع يوزعو كرامة للناس!مرات يوزّعو كل شهر.. كل سبعطاشر عشرين يوم، يعني فترات متباعدة.. يشيل صينيتو المطرقعة ويقيف في باب الجامع يوزّع بلحو وهو فرحان والإنبساط ظاهر في عيونو الدقاق وراسو الكبير البيضحكو فيهو الناس ويتندرو بيهو. أبوي قال لي تعرف إدريس؟ قلت ادريس ياتو.. الخِلاقة؟
قال لي مش قاعد يوزع بلح كل فترة في الجامع.. ضحكت، وقلت ليهو في الصينية المطرقعة.. أبوي قال لي الليلة وزع لينا بلح، وأنا شلت تلاتة تمرات وسألتو قلت ليهو الكرامة دي أكيد جاك خبر كويس من البلد.. أها الوليه جابت ولد ولا بت؟ ولا عندك شافع نجح؟ إدريس ضحك وقال لي أبدًا دي كرامة ساي.. قلت ليهو كرامة شنو؟ قال لي كرامة ساي.
تعرف يا ولدي بعد ما شلت البلحات رجعتهن في الصينية، وقلت ليهو بلحك ما دايرو، وما باكل كرامة ماعارفها حقت شنو.. إدريس ساقني بالجمبه وكان ماسكني في يد، واليد التانية ماسك بيها الصينية والعكاز البمشي بيهو وهمس في أضاني: “ياهاج لو زول ختم خرآن (القرآن الكريم) ما لازم يئمل كرامة؟”
يا ولدي البتقول عنو خِلاقة دا كل ما يوزع كرامة معناها ختم كتاب الله غيبًا.. معناها لما يدنقر في الطشت وما يسمع الحواليهو بكون بتذكر في آية أو يعيد في كلمة نساها.. خِلاقات انحنا ديل والله.. انحنا الخِلاقات.
Leave a Reply