
بقلم: كمال حافظ
#ملف_الهدف_الثقافي
حين علمت وأنا صغير أن جدي علي الشفيع، ضابط بوليس، ألححت على أمي وأبي أن أشتري له أصفادًا “كلبشات” وقنبلة، لعبتين، ظنًا مني أنهما سيساعدانه على محاربة المجرمين والأشرار.. فلا بد لأي شرطي من أصفادٍ وقنبلة.. وفعلًا اشتريت اللعبتين.. وحين عدنا إلى السودان في الإجازة، من إحدى دول الخليج، سلمته العتاد الجديد.. وفرح به، وظل يحتفظ به في دولابه حتى وقت قريب.
جدي كان يحبني جدًا، وكنت أحبه بذات الكم.. كنت —كما الجميع— أستمتع بقصصه التي يحكي.. كان مثقفًا، خفيف الظل، وأهم من ذلك كله كان “زول شِفِت”.. لذا كان يحبه الصغار والكبار.. عاش حياته طولًا وعرضًا.. رغم ما أدمى قلبه من كثير جراح.. تحري “خَتَري”، أبٌ فخور، وجدٌ محبوب مُحِب.. كانت أيام الجمعة في بيته العامر، بالإسكان الحارة 75، أيامًا جميلة دافئة، تحفها جميع أنواع المشاعر.. تآنسنا فيها، لعبنا، ضحكنا، أكلنا ألذ المأكولات، تشاجرنا وتصالحنا.. في شجارنا، كان يسبنا، وتضحكنا “ولاد الكلب” التي ينعتنا بها.. فننسى “شكلتنا”.. وفي صلحنا كان يحيطنا بحبه…
كم أفتقد تلك الأيام، وكم أفتقد جدي وصوت جدي، وحتى مزاجه المتقلب.. وأحمد الله أنه لم يرَ ما آلت إليه أحوال البلاد، ولا كيف أمسى بيته —الذي امتلأ ذات يوم بالناس والحب— خلاءً يسكنه الصدى..
سنتين كاملات يا عمك… سنتين كاملات يا جدو؟ صحي الموت… سلام، ما يغشاك شر.
Leave a Reply