في حياة 30 يونيو .. في ساحة الاعتصام

بقلم: بابكر الوسيلة

#ملف_الهدف_الثقافي

في ساحة الاعتصام..
ينام الفتى في الحصى
ملء قلبِ الفتاةِ وروحِ الغمام..
– كيف حالُ قلبي معك؟
– تمامٌ تمام
(تحكُّ على الطِّين في قلبه كي تطمئنَّ على الاقتسام)

في ساحة الاعتصام..
تقول عجوزٌ: وُلدتُ هنا من جديد..
وها أنذا لا أزيد..
عن العمر عام.

في ساحة الاعتصام..
تُلبِّي الحقولُ نداءٓ أناشيدها..
فتُقسم وردةٌ أنَّها رأتْ ما رأتْ؛
من بين هذي الرُّسوم النَّدى،
وهو يَطيرُ إلى موجةٍ كي تُبلِّلَ صيفَ الصِّيام.

في ساحة الاعتصام..
السَّريرُ المُهفهِفُ في اللَّيل
برائحة الأصدقاء البعيدين،
بهمس الملاءة في الحوش،
وشوق المسام.

في ساحة الاعتصام..
ضَوءٌ يُغنِّي المدى في وجه طفلٍ،
وبنتٌ – أمام الرِّجال- تُقوِّي السِّهام.

في ساحة الاعتصام..
قهوة الحبِّ بالزَّنجبيل،
وشاي المغارب والذِّكريات،
ضحكة الجار لزوجته؛
وهو يَعضُ على وجنتيها بجليل المَقام.

في ساحة الاعتصام..
مرايا تجلب الضَّوءَ من النِّيل..
عيونٍ تُفتِّش عن وجهها وهو غائب..
زوايا الحبائب
وروحٌ يسيل..
ودمعٌ يُغالِب..
وربِّ الغرام.

في ساحة الاعتصام..
يَتجوَّل أزرقُ البحر بكفِّ أبيضه في حواشي اللُّغات..
يُحيّي الَّذين استضافوا الخريفَ
على سهله
والَّذين استفاقوا فِدى أهله
والذين قاموا بهذا الغمام.

في ساحة الاعتصام..
الشُّهداءُ يُغنُّون خلف المتاريس.. آهِ المتاريس
وهي حدُّ التَّضاريس..
بين ماضي الجفاف على وجه طفلٍ؛
ومستقبل دفء هذا الزحام،
وهي آخِرُ ما نَملك من قلعةٍ للمحبة للدِّفاع عن النَّهر فينا،
وهي آخر ما نسأل الأرضَ عنه؛
حين تنوي القيام.

في ساحة الاعتصام..
يُعلِّق قلبُ الفتى
صورةَ صاحبه على صدره كي ينام
– يقوم الشَّهيدُ خفيفاً من صدر صاحبه
كي يردَّ عليه السلام.

في ساحة الاعتصام..
يَخلَع الفتى نابَهُ من مُتُون التَّفاوض،
ويكسِرُ حنك اللُّغة- التَّمارُض؛
وهو يستلُّ سيف أفعاله من جفير الكلام.

في ساحة الاعتصام..
قطارٌ يُعطبِرُ أشواقَه؛
ينام الزَّمانُ على دربه؛
لكنه لا ينام.

في ساحة الاعتصام..
هذي الصَّبيَّةُ خطوتُها؛
تُعلِّم الأرض كيف الجلوس على حقلها وكيف يكون القيام.

في ساحة الاعتصام..
الأناشيد مرفوعة الرَّأس
قمرٌ جالس في عزْم مُدَّاحه،
والنَّاس ناس..
والطَّار طارَ بأرواحه،
والكأس كأس؛
حين يُماوجني بين الجموع الظَّلام.

في ساحة الاعتصام..
أتذكَّرُ عبدَ العظيمِ وأصحابَه
( فإني أستريحُ بذي وهذا،
وأتعب بالإناخة والمُقام )

في ساحةِ الاعتصام..
هذا المدى واسعٌ
فإلى الأمام
إلى الأمام
إلى الأمام.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.