
تقرير: الهدف
#الهدف_فيديوهات
ليست عربية ولا مسلمة، لكنها أصبحت صوت غزة الذي تراقبه السلطات الإسرائيلية. إنها فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الأممية الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، التي تحولت إلى مصدر قلق للإدارة الأمريكية وإسرائيل، مما دفع واشنطن إلى المطالبة بإنهاء مهامها.
ألبانيزي، القانونية الإيطالية المتخصصة في حقوق الإنسان، عُينت في هذا المنصب الأممي المستقل في مايو 2022. ومنذ توليها مهامها، لم تدخر جهدًا في تسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، وبشكل خاص بعد الأحداث الأخيرة في غزة. تقاريرها، التي وصفت الأفعال الإسرائيلية في غزة بأنها قد ترقى إلى مستوى الأفعال التي تقع ضمن تعريف الجرائم الدولية الخطيرة، أثارت ردود فعل قوية في تل أبيب وواشنطن.
لماذا أصبحت ألبانيزي “مصدر قلق”؟
يكمن تأثير ألبانيزي في كونها صوتًا مستقلًا وموثوقًا داخل منظومة الأمم المتحدة، لا تخشى تسمية الأمور بمسمياتها. تقاريرها المبنية على الأدلة والتحليل القانوني، تقدم رواية مغايرة للرواية الرسمية الإسرائيلية والأمريكية، وتكشف عن أبعاد أعمق للوضع. أبرز ما يثير حفيظة السلطات الإسرائيلية والإدارة الأمريكية هو:
- توصيف “الجرائم الدولية الخطيرة”: في تقريرها الصادر في مارس 2024، أكدت ألبانيزي وجود “أسباب معقولة للاعتقاد بأن إسرائيل ارتكبت أفعالًا في غزة يمكن تصنيفها ضمن الجرائم الدولية الخطيرة”. هذا التوصيف، وإن كان أوليًا، يضع ضغطًا هائلًا على المجتمع الدولي لمساءلة إسرائيل.
- الدعوة إلى مقاطعة الشركات المتورطة: في يوليو 2025، قدمت ألبانيزي تقريرًا إلى مجلس حقوق الإنسان الأممي يدعو الدول إلى قطع العلاقات التجارية والمالية مع إسرائيل، بما في ذلك فرض حظر كامل على الأسلحة، وسحب الدعم الدولي لما وصفته بـ”نظام اقتصادي يدعم هذه الأفعال”. وقد ذكرت في تقريرها أكثر من 60 شركة متورطة في دعم “مشروع الاستيطان الإسرائيلي”.
- فضح الجوانب الاقتصادية المرتبطة بوجود السلطات الإسرائيلية: تقاريرها لا تقتصر على الانتهاكات المباشرة، بل تمتد لتشمل تحليلًا معمقًا لكيفية استغلال السلطات الإسرائيلية للموارد الفلسطينية وخلق “نظام اقتصادي” يغذي التوتر ويساهم في تهجير الفلسطينيين.
- رفضها الانحياز: على الرغم من الاتهامات المستمرة لها بمعاداة السامية والتحيز ضد إسرائيل من قبل منتقديها، تصر ألبانيزي على استقلاليتها ونزاهتها. منظمات حقوق الإنسان والعديد من الباحثين في قضايا معاداة السامية يرون أن هذه الاتهامات هي محاولات غير مشروعة لتشويه سمعتها وتقويض عملها.
ضغوط أمريكية غير مسبوقة
التصريحات والتقارير الجريئة لألبانيزي دفعت الإدارة الأمريكية إلى تصعيد حملة الضغط لإنهاء مهامها. في رسالة موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في يونيو 2025، طالبت واشنطن بإنهاء ولاية ألبانيزي، متهمة إياها “بدعم للعنف ومعاداة السامية” وشن “حملة اقتصادية” ضد الولايات المتحدة والعالم.
هذه المطالبات ليست جديدة، فقد عارضت الولايات المتحدة تجديد ولاية ألبانيزي في وقت سابق من هذا العام، محذرة من أن استمرارها في المنصب سيجلب “مزيدًا من الانتقادات” للأمم المتحدة. ومع ذلك، تظل ألبانيزي متمسكة بموقفها، مؤكدة أن عملها يستند إلى القانون الدولي وأنها لن تتراجع عن الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
إن المعركة حول مصير فرانشيسكا ألبانيزي داخل أروقة الأمم المتحدة تعكس صراعًا أوسع نطاقًا بين محاولات مساءلة إسرائيل عن أفعالها في غزة والأراضي الفلسطينية، وبين جهود حلفائها لتقويض أي تحقيق أو إدانة دولية. السؤال المطروح الآن هو: هل ستنجح الضغوط الأمريكية في إسكات صوت ألبانيزي، أم أنها ستزيد من زخم حملتها من أجل العدالة في فلسطين؟
Leave a Reply