
تقرير: د.منال جنبلان
نظمت التنسيقية النسوية الموحدة لوقف الحرب أمسية حوارية عبر منصة “زووم” يوم الجمعة الموافق 27 يونيو، ركزت فيها على التلوث البيئي وأثره السلبي على الحمل والإجهاض. وقد استضافت الندوة نخبة من علماء البيئة والطب، بالإضافة إلى عدد من المهتمين بقضايا البيئة.
افتتح الندوة البروفيسور عمران فضل عثمان، أستاذ علم الأحياء الجزيئية والوراثة وأمين الشؤون العلمية السابق بجامعة الخرطوم، والخبير البيئي. بدأ حديثه بتعريف ماهية البيئة ومسببات التلوث البيئي، مؤكدًا أن الحرب العبثية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عامين تُعد مسببًا رئيسيًا للتلوث. وأشار إلى أن الغازات السامة الناتجة عن احتراق الوقود والنفايات تُعد من أبرز ملوثات الهواء، بينما يحدث تلوث المياه نتيجة التصريف غير السليم للنفايات الصناعية والزراعية ومياه الصرف الصحي في المسطحات المائية.
وأضاف البروفيسور فضل أن التلوث الضوضائي الناتج عن الأصوات العالية يؤثر سلبًا على السمع. وشدد على أن جميع أنواع التلوث تُلحق أضرارًا بصحة الإنسان، مسببةً أمراض الجهاز التنفسي والقلب.
واستعرض البروفيسور فضل طرق الوقاية من التلوث، التي تشمل التعامل العلمي السليم مع النفايات العادية والخطرة، والتعامل بصرامة مع مخلفات المواد البلاستيكية، والتخلص السليم من النفايات الإلكترونية. وأعرب عن أمله في رؤية مدن وقرى ومصانع صديقة للبيئة في المستقبل القريب، مؤكدًا على أهمية التوعية والتثقيف في الحماية من التلوث البيئي، واعتبار البيئة مسؤولية الجميع.
تحدث بعده الدكتور عثمان الطيب، استشاري الصحة العامة والأمراض المعدية ومستشار منظمة الصحة العالمية في إقليمي أفريقيا وشرق المتوسط، مقدمًا شرحًا علميًا عن آثار التلوث على الحوامل والأجنة. وكشف عن زيادة احتمالية إصابة المرأة الحامل باضطرابات ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل (مثل تسمم الحمل وارتفاع الضغط الحملي)، وانفصال المشيمة، وحتى الإملاص (ولادة جنين ميت).
أما خطر التلوث البيئي على الأجنة، فقد وصفه الدكتور الطيب بأنه من أكثر مسببات الولادة المبكرة ونقص الوزن عند الولادة، وكلاهما يزيد من خطر وفيات الرضع والمشاكل الصحية طويلة الأمد. وأضاف أن التلوث قد يؤدي إلى تقييد النمو داخل الرحم، وضعف نمو الأعضاء، ومشاكل في النمو العصبي. وأشار إلى أن التلوث الضوضائي قد يسبب فقدان السمع للجنين إذا تعرض لذبذبات صوتية تتراوح بين 100-150 ديسيبل، وهو ما قد يماثل صوت القنابل أثناء الحرب.
وكشف الدكتور الطيب أيضًا أن التلوث بالمواد الكيميائية، ومنها التعرض للأسلحة الكيميائية أثناء الحمل، يسبب تشوهات خلقية هيكلية، والإجهاض التلقائي، وتأخر النمو، وتلف الأعضاء.
من جانبها، أوضحت الأستاذة هويدا عبد الرحمن صالح، مديرة منظمة مزنة الخيرية والمشاركة في الندوة، أن التلوث البيئي في مناطق دارفور كان موجودًا قبل حرب 15 أبريل الكارثية بفترة طويلة، وأن ظاهرتي العقم وتكرار الإجهاض منتشرتان في مناطق الحرب بدارفور، مشيرةً إلى وجود مناطق لا يوجد بها أطفال دون سن الخامسة. ووجهت لومًا للجهات المسؤولة عن حماية البيئة.
وتداخلت الأستاذة أفنان عبد الحليم، مسؤولة الإمداد في برنامج الحمل والولادة بوزارة الصحة، مؤكدة أن حالات الإجهاض وتسمم الحمل كانت شائعة في مناطق النيل الأزرق ودارفور قبل الحرب الجارية، وأنه كان يتعين على الدولة وضع سياسات تهتم بالبيئة.
وشدد عدد من الحضور، منهم الدكتور زين العابدين عثمان، على ضرورة تفعيل قانون البيئة بصرامة. بينما ناشد الدكتور عبد الناصر علي الفكي بضرورة توفير الرعاية الصحية والتثقيف الصحي للحوامل، وتقديم الدعم للأطفال المتأثرين بالحرب، مشيرًا إلى زيادة عدد وفيات الأطفال السودانيين في مستشفى كمبالا.
ومما أثار الاهتمام، ما تفضلت به البروفيسورة شادية لازم، رئيسة اتحاد النساء الديمقراطي والأستاذة بكلية الطب البيطري بجامعة الكدرو، بأن أثر التلوث البيئي لم يقتصر على صحة الإنسان فحسب، بل طال الحيوانات أيضًا في مناطق البترول، مسببًا إجهاضات متكررة وتشوهات.
واختتم البروفيسور عاصم التجاني، أستاذ الاقتصاد، حديثه بالإشارة إلى أن أثر التلوث البيئي على الإنسان له تأثير مباشر على تأخر الاقتصاد. فالتلوث يؤثر على صحة العاملين وإنتاجهم، ويتسبب في تراجع الصحة العامة وانخفاض الإنتاجية الكلية للدولة. ولضمان بيئة عمل جاذبة، شدد على ضرورة توفر “البيئة الخضراء” الخالية من التلوث.
Leave a Reply