هل تمضي القوى السياسية الوطنية نحو جبهة عريضة لوقف الحرب؟

في خطوة نوعية تعكس إحساساً وطنياً عالياً بالمسؤولية التاريخية، أعلنت أربعة من أبرز الأحزاب السياسية السودانية – حزب البعث العربي الاشتراكي الأصل، حزب الأمة القومي، حزب التجمع الاتحادي، وحزب المؤتمر السوداني – عن توقيع بيان مشترك يضع إيقاف الحرب في صدر الأولويات، ويعيد الاعتبار للمشروع الوطني لثورة ديسمبر المجيدة، الذي حاولت آلة الحرب طمسه وتشويهه.

البيان – الذي حصلت عليه “الهدف” – تميز بلغة واضحة لا لبس فيها، وبتشخيص دقيق لجذور الأزمة، حيث حمّل الأطراف المتحاربة مسؤولية تشظي النسيج الوطني، وتفكك مؤسسات الدولة، وتفاقم معاناة ملايين السودانيين في النزوح واللجوء، إلى جانب تفشي خطاب الكراهية والعنصرية الذي بات يهدد بتمزيق البلاد بشكل غير مسبوق.

تثمن “الهدف” هذا البيان المشترك، وتعتبره خطوة شجاعة من قوى ارتضت أن تتحمل واجبها التاريخي في أحلك مراحل الوطن، في وقتٍ توارت فيه الكثير من الأصوات السياسية خلف الحسابات الآنية أو الخطابات الرمادية. فأن تجتمع قوى مؤثرة بهذا الوزن، وتتفق على مواقف واضحة وصريحة ضد الحرب، وضد عسكرة الدولة، وضد الإفلات من العقاب، وضد الاصطفاف خلف أي طرف من أطراف النزاع، لهو تطور لافت يعيد الثقة في قدرة السودانيين على صياغة مشروع وطني جامع.

ولعل ما يميّز هذا البيان هو دعوته إلى رسالة إعلامية موحدة، تضع نهاية للتشتت والانقسام، وتساهم في تنظيم الجماهير وتمكينها من مقاومة الحرب، ليس فقط باعتبارها صراعًا مسلحًا، بل كنهج سياسي مدمر يُراد له أن يصبح هو القاعدة بدل الاستثناء.

إن التئام هذه القوى على كلمة سواء، واعترافها العلني بضرورة النقد الذاتي، وتجاوز خلافات الماضي، وتنسيق الجهود بشكل منتظم، يمثل الأرضية الصلبة لتأسيس جبهة مدنية عريضة قادرة على إعادة بناء الدولة على أسس الحرية، والسلام، والعدالة، وهي شعارات الثورة التي أجهضها العسكر ومشاريع التمكين الجديدة.

وتدعو “الهدف” بقية القوى السياسية والمدنية إلى البناء على هذه الخطوة، والانضمام لمسار التوحيد الوطني، والعمل على بلورة ميثاق سياسي شامل يقطع الطريق على من يسعون لإطالة أمد الحرب أو فرض حلول فوقية من الخارج لا تعبّر عن تطلعات شعبنا.

إن البلاد أمام مفترق طرق، والخيار بين استمرار التمزق والدمار أو الانتصار لإرادة السلام، والبيان الأخير يفتح نافذة أمل لشعب أنهكته الحرب، لكنه لم يفقد قدرته على الحلم بوطن يسع الجميع.

الهدف – طريقنا نحو وطن جديد