عشق من نوع خاص

بقلم: د. معتصم دونتاي

#ملف_الهدف_الثقافي

دخل إلى البيت في وقت متأخر من الليل، الشوارع هادئة تمامًا إلا من بعض الخفافيش وعربات النجدة. أغصان شجر المانجو التي على منزله ترقد على سطح المنزل كفتاة في حضن عشيقها في عز الليل، بعض الأشياء مبعثرة هنا وهناك في فناء المنزل. نظر بإعجاب إلى صورة جده الذي قاتل الإنجليز وهي معلقة على الحائط.

جلس على الكرسي الذي يتوسط الغرفة بابتسامة ساخرة، ونظر إلى العنكبوت التي نسجت خيوطها على رف المكتبة. استرخى قليلًا ثم استمال إلى الوراء وأخرج من جيبه سيجارة، أشعلها باليسار، لأن لديه موقفًا من اليمين! لأن يمناه صافحت ذات يوم ذاك الرجل الفاسد. سحب نفسًا عميقًا وأخرج دخانًا كثيفًا من فمه، دخان كالجبال، نظر إليه مشدوهًا، كان يرى ما بداخله.. زهورًا مختلفة الألوان، بعضها أخضر وآخر أحمر وبني وبنفسجي، صورة أجمل ما تكون، يرى أطفالًا يلعبون برشاقة بين الجبال وهم فرحون.

سهول القمح في لحظات الحصاد أبهى ما تكون، بائع اللبن يتجول في الأحياء القديمة، وفتاة تحلب أغنامها.. حسناوات يرقصن على ضوء القمر، ورجل ثمل يغني على قارعة الطريق. رجع إلى نفسه برهة بصوت جارته وهي تصيح مع زوجها طلبًا لثوب جديد، لأن زواج أختها الأسبوع القادم، وإنها لا تملك ما تلبسه لأن ثوبها قد تمزق!

حمل آلة العود التي كانت بالغرفة، عزف بعض الألحان التي يحبها برشاقة ومزاج، نده إلى رفاقه. “أين فلان؟” قالوا له إن فلانًا تم اعتقاله.. “وأين فلان الآخر؟” رد أحدهم إنه جريح في المستشفى، جُرح قبالة الشارع الثاني منذ منتصف النهار. “وأين أحمد؟” صمت الجميع، كرر السؤال مرة أخرى.. “أين أحمد؟” ردوا عليه بصوت واحد، “لقد استشهد بيد قناصة أمن النظام صباح اليوم، وجثمانه الآن في المشرحة.”

سالت الدموع غزيرة على خده وصمت. صوت المذياع من بعيد يردد أناشيد حماسية تمجد النظام الفاسد، وتتوعد كل من يخرج إلى الشارع بالموت.. نظر إليهم بهدوء وقال، “غدًا نصعد العمل الجماهيري ليصل إلى ساعات متأخرة من الليل، على الجميع اليقظة والحذر. يبدو أننا اقتربنا من النصر، وهذا الأسبوع هو أسبوع الحسم والنصر، توكلوا على الله.”

2 إبريل 2017

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.