
الفاشر: مراسل الهدف
قبل اندلاع الحرب، كان العاملون في الحكومة السودانية ينتظرون رواتبهم، رغم ضآلتها، لترتيب شؤون حياتهم. لكن كارثة الحرب التي اندلعت في منتصف أبريل قضت على آمال الجميع، وزادت من معاناة العاملين في القطاعين العام والخاص بشكل لا يوصف. فمع توقف صرف المرتبات حتى الآن، وارتفاع الأسعار بأكثر من 300%، خاصة للمواد الاستهلاكية وتعريفة المواصلات، تعقدت أوضاع هذه الشريحة بشكل كارثي.
دفع هذا الواقع المرير معظم الموظفين إلى بيع أغراض وأثاث منازلهم لتغطية احتياجات أسرهم اليومية بالكاد. فيما اضطر البعض للنزوح إلى المدن الآمنة، حيث يتسولون الطعام لأسرهم لستر حالهم. موظف الدولة الذي كان يعيش أصلاً على الكفاف، أصبح راتبه لا يكفي لشراء أي شيء مقارنة بأسعار السلع المتصاعدة يومًا بعد يوم، وجاءت هذه الحرب لتجهز على ما تبقى له من صبر وقوة.
في مدينة الفاشر، أعلن عدد من العاملين في القطاعات الحكومية عن عدم صرف رواتبهم لأكثر من 16 شهرًا، مما ضاعف معاناتهم في ظل تردي الأوضاع الإنسانية والمعيشية بالمدينة. وأكد موظفون أن غالبية سكان الفاشر يعيشون أوضاعًا مأساوية جراء الحرب والحصار.
وقال موظفون إن الراتب، بالرغم من أنه لا يكفي حتى لشراء ربع الذرة أو الدخن هذه الأيام، إلا أن تأخره فاقم من معاناة غالبية العاملين في القطاع الحكومي. وذكروا أن هذا التأخر أجبر غالبية العاملين، بمن فيهم موظفون من الدرجة الأولى، على مزاولة المهن الهامشية.
كما أفاد شهود عيان بأن الكثير من المعلمين والموظفين اضطروا للاصطفاف مع تلاميذهم في طوابير التكايا (مراكز توزيع الطعام الخيري) للحصول على وجبات، وذلك نسبة للتردي الكبير في أوضاعهم الاقتصادية. ولفت شهود إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت مؤخرًا صورة لمديرة مدرسة مشهورة وهي تقف في طوابير الطعام بالفاشر.
تتوقف المرتبات في مناطق النزاعات حيث الآلاف لم يصرفوا رواتبهم، في وقت يصرف فيه نظراؤهم في عدد من الولايات الواقعة تحت سيطرة الجيش. هذا التباين يزيد من مرارة الوضع ويبرز حجم المعاناة التي تواجهها الفاشر وسكانها.
Leave a Reply