حرب “التفاهة” السودان يُتوّج بلقب كأس العالم في حرب “العوارة” بجدارة!

بقلم: محمد ضياء الدين

بينما العالم يستعرض عضلاته في حروب بتقنيات خيالية، صواريخ باليستية، وأخرى فرط صوتية، وغواصات نووية، وحرب سيبرانية بقدرات تجسسية تحسب أنفاس العدو… يقدّم السودان للعالم نسخة فريدة من “الكوميديا السوداء” في حرب التفاهة بإمتياز! حرب تدخل عامها الثالث، بمواصفات لا مثيل لها:

* بعض الجنود، مدججون بالحِجبات، يؤمنون بالخرافات وبحجبات الفكي، ويقاتلون “بالسفنجة” وكلٌ يرتدي زيه الخاص. البعض يحمل “كلاشات” قديمة، وسواطير وسكاكين “للاحتياط الإستراتيجي” إذا تعطّل الكلاش وإحتدم الدواس وقل النقاش، وللزوم قطع الرؤوس وبقر البطون . أما عن “المتحركات”
يا مسلم، فحدث ولا حرج، مواتر وتكاتك، وحتى الجمال والحصين، تُذكرنا ب”فليم الرسالة” ولا ننسى وكيف ننسى عربات المواطنين المنهوبة في مقدمة المتحركات.
* أما ساحة المعركة الحقيقية هي السوشيال ميديا! هي القائد والمحرك والملهم الأساسي لهذه الملحمة الكوميدية عبر غرف الإعلام الموجهة وناشطي الدفع المقدم.
الميديا عادي جداً تكشف تحركات القوات قبل أن يعرفها القادة أنفسهم، تحدّد الإحداثيات وتُقيّم الإصابات المباشرة.
عادي جداً المواطن يسمع كل يوم ..
“قواتنا تتقدم نحو محطة سراج!” “قواتنا على مشارف مستشفى الدايات، ذلك الصرح الإستراتيجي بالغ الأهمية!”.
“قواتنا تحرر حِلة أم ضنيب للمرة الثانية!” ويعتبر هذا الاختراق العسكري المهم نقطة تحول كبرى نحو التقدم لقوز أبوفاطنه!”.
“قواتنا على بعد كيلومتر واحد فقط من سوق الجمعة بعد وصول العدة الجديدة!”.
* لكن يا فرحة ما تمت، وفجأةً… “العدو عرد!” عردوا أولاد العزبة وكمان جروا دنقاس! وفي اللحظة ذاتها، يعلن الطرفان وبشكل متزامن عن “إنتصارات الوهم ” المتضاربة، كأنما كلٌ يحارب في عدو مختلف!

أما عن شعارات ومصطلحات الحرب، فهي تحفة فنية من “التراجيكوميديا” بمعنى الكلمة!
لوحدها تستحق معرض فني بعنوان يليق بالحدث (لم أجد العنوان المناسب بعد!).
* عموماً خد عندك الشعارات والمصطلحات دي على سبيل المثال لا الحصر:
* “الكرامة” مقابل “إستعادة الديمقراطية” كرامة مين؟ وديمقراطية إيه؟!
* “بل بس” في مواجهة “اتنين بس” في مسابقة “من صاحب العقل الأقل عقلانية؟”!
* “القونات” قصاد “الحكامات” والنقطة بالدولار الحار لمن تردح أكثر، وأكثر من ذلك وأكثر؟!.
* “يا نحن يا هم والبلد دي ما بتشيلنا الاتنين!”
* “المجد للبندقية”!
* “الفتق والمتك وما تجيبو حي”

والكارثة الكبرى، الكل يرفع شعار “الله أكبر” وهم يبقرون البطون ويخرجون الأحشاء ويجزون الرؤوس بتلذذ!.
يا جماعة، إيه التناقض العجيب ده؟ ده مش تناقض، دي “شيزوفرينيا” عديييل كده.

* أما الضحكة “البكيّة” لما تشاهد فيديو لأسير تحت التعذيب، عينو طالعة ووشو مبرشم، و”المحققون” يتحلقون حوله كالضباع “لقيت المعاملة كيف؟ قول ‘باااع’! وقول ‘ميييع’!” يا عالم دي مش”إسقاطات نفسية” دي “إسقاطات أخلاقية” على مستوى عالي جداً…جداً ! حتى حروب الجاهلية ما وصلت لهذا السخف والعبط.
* أما النهب والقتل على الهوية، أصبحا “فناً” جديداً في مسرح الفوضى.
و”الشفشفة” على عينك يا إرتكاز، ممتلكات المواطن المسكين صارت “غنيمة حرب” وهدف إستراتيجى للمنتصر. حاول تشتكي كان راجل … يا سلام جرب لو تقدر!

القتل على الهوية يتم في “محكمة الشارع” السريعة جداً! الحكم يُصدر والتنفيذ يتم، والقاضي والجلاد هو ذاته المحظوظ الذي ينفذ الحكم قبل الآخرين “تقرباً لله” أو “للقائد” بقتل “المتعاون النجس” أو “الأسير المصاب”!
يا ترى المافي شنو في الحرب دي غير المنطق والعقل والآدمية، و”عينك فقو تركب فوقو”.

النتيجة أحرزنا كأس العالم في “التخلف والعوارة”
بكامل النقاط، مع جائزة أفضل مهاجم “قناص” وأفضل مدافع “إرتكاز!” وكمان جائزة أفضل “أولتراس” .

يا هداكم الله العالم يخوض حروبه بتكنولوجيا متقدمة، أما حربنا دي فـ”حرب برّاها”. ما في حرب بتشبهها في أي مجرة تانية. هو في زول في الدنيا بشبهنا، نحن ونحن ونحن! يا عالم الحرب لم تعد مجرد “رجالة” ممكن واحد “مثلي” أكرمكم الله، خالف رجلو بدخن في سيجارة، مخندق في غواصة أو في مصيبة في أي مكان في العالم، يدوس على زر واحد يلحقنا كلنا أُمات طه.
أها وينا الرجالة هنا! لو كانت الحرب تعتمد على الرجالة فقط، لكان الشيشان يحكمون العالم، وجماعة منو الأرجل مننا، فلنقايات في خدمة “الرجال” .

نعم فزنا بكأس العالم في حروب “التخلف” و”العوارة” و”العبط” بإمتياز! في حرب المليشيات المتناسلة وجنرالات الخلاء، لنستحق بفخر وإعتزاز لقب “أكبر دولة منتجة للمليشيات والجنرالات”! في عموم ديار العرب والعجم. أين موسوعة جينيس لتسجيل هذا الإنجاز القياسي قبل أن تفكر أى دولة أو تحدثها نفسها الأمارة بالسوء الوصول إلى هذا الإنجاز المعجزة.

إنها حرب الشعارات الفارغة التي تطبل للموت، والانتصارات الوهمية التي تملأ السوشيال ميديا، بالكذب والقسوة المبتذلة، التي تجعل العالم يتشكك هل هؤلاء بشر؟.
لكن تظل المفارقة العجيبة أن من يدعو للحرب هو “الوطني الغيور”، ومن يرفض الحرب ويدعو للسلام هو “العميل الخائن لله والوطن القحاطي الكافر”! حاجة تحيّر، ما سبقنا عليها أحد!، بدعة وضلالة “صنع خصيصاً للسودان”.

الخلاصة:
دي ما حرب…
ده “سيرك دموي”!
مأساته الحقيقية في تفاهة أبطاله وضحالة أهدافهم.
“المجد للبندقية”؟ لا “المجد للعقل” يا ناس!.
لهذا حربنا منسية، ومافي حد في العالم جايب خبرنا. كأن لسان حالهم يقول: “تموتوا بس! ولترق كل الدماء”.

بالله عليكم، بلاش فضايح وعوارة، وموت بالمجان، أكتر من كده! الموضوع ما بيستاهل.
إنتو “أخوان” ألعنوا الشيطان، قولوا بسم الله وأقعدوا واطة! وفكّروا بشوية منطق وبطلوا فوضى.

حكمة سودانية:
“لا تتعلق بشخص لسببين: أولاً، إنت ما قرد.
ثانياً، الزول دا ما شجرة.”

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.