
الرياض: وكالات
في خضم أزمة إنسانية متصاعدة، يعيشها السودان، برزت أزمة جديدة تهدد مئات من العقول السودانية العاملة في قطاع التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية، بعد قرارات مفاجئة بإنهاء تعاقدات أكاديميين سودانيين، دون إشعار مسبق، تاركة أكثر من 200 أستاذ وأستاذة أمام مصير ضبابي ينذر بفقدان الاستقرار المهني والأسري في آن واحد.
الجامعة تغلق الأبواب.. والحرب تُقفل النوافذ
القرارات التي طالت أساتذة من مختلف الجامعات السعودية، أتت في توقيت بالغ القسوة، حيث لا يجد المتأثرون بها ملاذاً آمناً للعودة، في ظل حرب تمزق بلادهم وتحوّل المدن السودانية إلى ساحات نزوح وانهيار خدمي شامل. فبالنسبة لهؤلاء، الوطن لم يعد خياراً مطروحاً، بل مكاناً مهدداً تتلاشى فيه مقومات الحياة الأساسية.
مذكرة استغاثة إلى كامل إدريس
في مذكرة عاجلة رُفعت إلى رئيس الوزراء السوداني في حكومة الأمر الواقع د. كامل إدريس، ناشد المتضررون التدخل الفوري لإنقاذ أوضاعهم، مقترحين منحهم عاماً واحداً على الأقل قبل تنفيذ قرارات الفصل، حتى يتسنى لهم البحث عن فرص بديلة، وتأمين وضع أسرهم وأطفالهم، خاصة في ظل ارتباط هؤلاء بمدارس ومؤسسات تعليمية داخل المملكة، يصعب الانسحاب منها دون آثار نفسية وتعليمية قاسية.
“لسنا عمالة طارئة.. نحن سفراء للعلم”
وأكد الأكاديميون في مذكرتهم أن ما يواجهونه ليس مجرد أزمة عمل، بل طعنة في استقرارهم الوجودي بعد سنوات طويلة من خدمة التعليم العالي في الخليج، مشيرين إلى أن تجاهل قضيتهم يعني التخلي عن شريحة نذرت نفسها للعلم وخدمة أوطانها، في الداخل والخارج.
صمت دبلوماسي مثير للقلق
وبرغم مرور أسابيع على تسليمهم مذكرة مماثلة إلى القنصلية السودانية في جدة، لم يتلقَ الأكاديميون أي رد رسمي، وهو ما دفعهم إلى رفع نداءهم إلى أعلى هرم السلطة التنفيذية في حكومة المر الواقع، على أمل أن يتم تفعيل قنوات التواصل بين الحكومة السودانية والسلطات السعودية لاحتواء الأزمة.
كنز وطني يواجه التهميش
ويحذر مراقبون من أن استمرار هذا الصمت يعني فقدان السودان لمزيد من كفاءاته التي لطالما شكلت امتداداً حضارياً وثقافياً له في الخارج، مؤكدين أن ما يحدث يُعد مؤشرًا خطيرًا على التراجع في حماية مصالح السودانيين في المهجر، خصوصاً في لحظات الشدة والشتات التي تعصف بهم منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.
بين المطرقة والسندان.. 200 أسرة سودانية على شفا التشرد
بين قرارات الفصل، والحرب التي أغلقت أبواب العودة، يعيش الأساتذة المهددون بفقدان وظائفهم تحت ضغط نفسي واقتصادي خانق، فيما تُعقد الآمال على تحرك دبلوماسي عاجل يخفف عنهم وطأة الانزلاق نحو المجهول. ففي هذه اللحظة، لا يطلبون إعفاءً، بل فرصة أخيرة لترتيب واقعهم.. فرصة تحفظ كرامتهم، وتحترم تضحياتهم، وتقي أبناءهم من شتات جديد في زمن الانكسارات.
Leave a Reply