رؤية إعمار البنية التحتية في السودان ما بعد الحرب

بقلم: ليندا الحضري

لقد عانى السودان طويلاً من ويلات الحروب الأهلية والصراعات التي بدأت قبيل فجر الاستقلال، وتسببت في إزهاق الأرواح وإراقة كثير من الدماء، وإيقاف عجلة التنمية، وتدهور الخدمات الأساسية. إلا أن حرب 15 أبريل تميزت عن غيرها باتساع رقعتها الجغرافية وشمولها لأغلب مناطق البلاد، وتُعتبر الأعنف والأكثر كارثية على مستقبل البلاد، حيث دمرت هذه الحرب العبثية مقدرات البلاد الاقتصادية، وأوقفت عجلة الإنتاج، وانهارت بسببها البنية التحتية.

لقد تضررت المطارات والطرق والجسور ومحطات توليد الكهرباء والمياه، وكذلك المرافق الصحية والتعليمية والمصانع. وصاحبت هذه الأضرار عمليات سلب ونهب لم يسبق لها مثيل في تاريخ السودان الحديث، الأمر الذي يضع الاقتصاديين والباحثين أمام تحدي وضع رؤية علمية وواقعية لإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار.

يجب أن تشمل هذه الرؤية إصلاح الطرق والجسور والمباني، بالإضافة إلى استعادة أنظمة المياه والكهرباء والاتصالات والمؤسسات التعليمية والصحية الأساسية؛ لضمان بقاء المواطنين في مناطقهم واستعادة الحياة لطبيعتها، وتوفير بيئة مواتية لاستئناف النشاط الإنتاجي. كما تهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد بتوفير بنية اقتصادية مستقرة تساعد على استعادة النشاط الاقتصادي وتوفير فرص عمل، وتوفير بيئة آمنة مستقرة تساهم في تعزيز السلام وتحسين العلاقات بين أفراد المجتمع.

تكمن أهمية إعادة إعمار البنية التحتية في استعادة الحياة لطبيعتها، والمساهمة في تخفيف معاناة الشعب، وتعزيز استقرار المجتمع، واستعادة الثقة في مستقبل السودان. كما تهدف إلى تحقيق النمو الاقتصادي الذي بدوره يساهم في تحقيق التنمية المستدامة.

إن التحديات التي تواجه إعادة الإعمار في السودان تتطلب أولاً العمل على إيقاف الحرب بالطرق السلمية، ومحاصرة آثارها الاجتماعية السلبية، وإعادة بناء النسيج الاجتماعي، وتوفير الأمن، وتحقيق الاستقرار، وإعادة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم.

وبما أن الموارد المالية هي أساس الإعمار وإعادة التأهيل، فإن تحدي التمويل يمثل العقبة الكؤود أمام عملية إعادة الإعمار، باعتبار أن الموارد المالية الحالية غير كافية. وهذا يؤثر على قدرة الحكومة في تنفيذ مشاريع إعادة بناء وتأهيل البنية التحتية التي تتطلب التفكير خارج الصندوق لإيجاد التمويل اللازم، عبر بناء الشراكات، وجذب الاستثمار، والتعاون مع الدول الصديقة والشقيقة، إضافة إلى الصناديق المانحة والمنظمات الإقليمية والدولية.

نستخلص مما ذكر آنفاً أن إعادة إعمار البنية التحتية بعد الحرب ليس بالأمر السهل. إنها عملية ضرورية لاستعادة الحياة لطبيعتها وتعزيز السلام والأمن والاستقرار الاقتصادي. ومع ذلك، فإنها تواجه العديد من التحديات التي يجب معالجتها لضمان نجاح العملية.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.