صوت النساء من أجل المدنية والسلام

بقلم: د.ستنا بشير

أوقف انقلاب 25 أكتوبر 2021 مسار التحول الديمقراطي، وأكملت حرب 15 أبريل ما تبقى من مظاهر المدنية، لتتم عسكرة الحياة في السودان بشكل تام. فلا صوت يعلو فوق صوت البندقية، وهو ما سعت إليه قوى الردة والاستبداد منذ البداية.

لعبت أهوال الحرب ومآسيها الدور الأكبر في تشكيل ملامح المرحلة الحالية؛ فما بين النزوح والتشريد، وفقد الأرواح والممتلكات ومصادر الدخل، أصبحت أولوية المواطن السوداني هي البقاء على قيد الحياة، والحصول على مأوى وسد الرمق، مما كان له الأثر الأعظم في تراجع العمل المدني والسياسي والحقوقي.

ومع تطاول أمد الحرب، تأكد للجميع ما طرحه دعاة وقفها منذ البداية، وهو أنه لا منتصر في هذه الحرب. فكل يوم جديد يحمل مزيدًا من الدمار للبلاد، ومن التعذيب والتشريد للمواطنين؛ فمن لم يمت بالحرب مات بالمرض وسوء التغذية، بينما ينعم طرفا الحرب ودعاتها وجميع المستفيدين من استمرارها بفرصة ذهبية لنهب موارد البلاد. يستغلون غياب السلطات العدلية ومؤسسات الدولة لتصفية القوى المدنية وممارسة جرائمهم جهارًا نهارًا دون حسيب أو رقيب، متخذين من تهمة التعاون مع أحد طرفي الحرب حجة لمحاكمة وتصفية المواطنين بالشبهات ودون أدلة، ولترهيب كل من يدعو لوقف الحرب والتفاوض بين طرفيها.

ولكن رغم ذلك، لم يستطيعوا إخراس صوت الحق والضمير الإنساني. فقد ارتفع الصوت الرافض لاستمرار الحرب والداعي لوقفها فورًا بين نساء السودان الصامدات، المكتويات بالنصيب الأعظم من ويلات الحرب والانتهاكات المصاحبة لها؛ في مناطق النزوح واللجوء ومراكز الإيواء وحول العالم. استجبن لنداء المسؤولية الوطنية بتكوين التنسيقية النسوية الموحدة لوقف الحرب، لتوحيد جهود التنظيمات النسوية، وكتل الكنداكات، وقوى المجتمع المدني الرافضة للحرب واستمرارها، وللعمل لاحقًا في إطار جبهة شعبية عريضة للديمقراطية والتغيير مع مختلف القُوَى المدنية من نقابات وأحزاب سياسية وتنظيمات مهنية وعمالية وقوى مجتمع مدني، للضغط على طرفي الحرب للعودة للتفاوض، والعمل على إنهائها.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.