
حظي فيلم “جهنمية” السوداني بتفاعلٍ لافتٍ عند عرضه في مهرجان مالمو للسينما العربية بالسويد. الفيلم القصير، الذي تبلغ مدته 17 دقيقة، وُلد وسط الثورة السودانية (ديسمبر 2018) ليكون صرخة سينمائية ترصد معاناة ست نساء انتهى بهن المطاف في زنزانة ضيقة، مجسدًا بذلك القهر والصمود.
يغوص المخرج ياسر فائز في تجربة إنسانية عميقة داخل هذه المساحة المعزولة، كاشفًا عن صراعٍ نفسي لا يقل شراسة عن المعارك في الخارج. يشير اسم “جهنمية” إلى شجرة تتحمل أقسى الظروف، لتصبح رمزًا لنساءٍ قوياتٍ ومهمشات، وهو إسقاطٌ بصريٌّ وروحيٌّ عميقٌ.
ولدت فكرة الفيلم من تأمل المخرج في نضال والدته وجدته غير المعلن، ورغبته في توثيق بطولة النساء الاستثنائية خلال الثورة، التي ظلت للأسف هامشية في السرد الإعلامي والفني. لم يكن اختيار الاعتقال السياسي موضوعًا محوريًا صدفةً، نظرًا لندرة التوثيق الفني لهذه التجربة، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالنساء اللواتي يواجهن صمتًا مضاعفًا في هذه الظون. اعتمد الفيلم على مقابلاتٍ مع سجينات سياسيات سابقات، ليُبرز أن الصراع النفسي الداخلي في تجربة الاعتقال قد يفوق قسوة العنف الجسدي.
على الرغم من التحديات الإنتاجية القاسية، بما في ذلك اندلاع الاضطرابات والحرب التي أثرت على التصوير وفقدان نسخة شبه نهائية من الفيلم قبل إنقاذها، إلا أن المشروع استمر بدعمٍ محدود وشجاعةٍ. التفاعل الكبير مع الفيلم، خاصةً من نساء سودانيات شعرن بأنه يعبر عنهن، أكد وصول رسالته بقوة. يواصل فائز تركيزه على القضايا السودانية والإنسانية العميقة في مشاريعه المستقبلية.
Leave a Reply