
بقلم: أمجد أحمد السيد
في وقت تتآكل فيه مساحات التعبير الحر، وتتراجع فيه الثقافة أمام ضجيج الحرب والسياسة يبرز الملف الثقافي في جريدة الهدف كواحة معرفية تسعى للحفاظ على شعلة الإبداع والفكر مشتعلة في الوجدان السوداني والعربي. هذا الملف الذي تطور بشكل ملحوظ خلال الشهور الماضية بات عنوانًا للانفتاح والتنوع ومرآة تعكس غنى التجارب الثقافية والإنسانية من السودان إلى العالم العربي.
ليس من السهل أن تصمد صفحة ثقافية وسط أتون الحرب، لكن “الهدف” راهنت على الكلمة وانتصر رهانها، فقد شهد الملف نقلة نوعية سواء من حيث إتساع رقعة المشاركات أو تنوع المواضيع، إذ بات يستقطب أقلامًا لامعة من مختلف الدول العربية، من شعراء وروائيين ونقاد إلى باحثين وفنانين تشكيليين، وكلهم يحملون همّ الثقافة بوصفها وسيلة مقاومة وجسرًا للحوار ورافعة للتغيير.
وما يلفت الانتباه في هذا التطور أن الملف لم يقتصر على النخب، بل فتح الباب أيضًا للأصوات الشابة والناشئة، وهو ما جعله مساحة تفاعلية حيوية تعكس نبض المجتمع وتفاصيله الصغيرة والكبيرة، فمن أغاني البنات في السودان إلى مراجعات الكتب، ومن تحليل الأغنية الشعبية إلى قراءات نقدية لأهم أطروحات الهوية والذاكرة امتد الملف ليكون بمثابة أرشيف حي للوجدان الثقافي.
ولعل أبرز ما يميز هذا الجهد هو وضوح الرؤية التحريرية، وحرص القائمين عليه على خلق توازن بين التوثيق والتحليل، وبين الجماليات والالتزام، في وقت يميل فيه الكثيرون إلى الإثارة السطحية..
إن الشكر واجب لكل من يقف خلف هذا الجهد الثقافي المتميز، من هيئة التحرير، إلى الكتاب والمساهمين.. إلى القراء الذين يصونون هذا المنبر بمتابعتهم ودعمهم. فاستمرار الملف وتطوره ليس فقط إنجازًا صحفيًا، بل مساهمة نوعية في مقاومة التهميش الثقافي، وفي الدفاع عن حق الناس في الحلم والسؤال والتعبير.
“الهدف” بهذا الملف الثقافي تكتب اسمها في سجل الصحف التي لم ترتهن للحرب، بل قاومتها بالمعرفة.
Leave a Reply