
بقلم: د. أحمد الليثي
في السودان، لا تمرّ الأيام… بل تتثاءب تحت ثقل الألم، والعيد لا يطرق الأبواب كما كان.
بل يمرّ خجولًا، يعتذر بصمت، كمن جاء في غير وقته.
الضحك خافت، والقلوب مثقلة، والبيوت، التي كانت تستعد للفرح… صارت تنتظر خبرًا لا يأتي، أو عودةً مستحيلة.
في عيد الأضحى، يُقال إن الفداء رحمة، وإن التضحية درب المحبة،
لكن في أرضنا، بات الفداء وجعًا يوميًّا،
فالأحباب يُغيبهم الرصاص، وتُسرق الأحلام في وضح النهار،
وكل أمّ في بلادي، صارت تعرف طعم الذبح… لا من الكبش، بل من فَقْد فلذة كبدها.
العيد هنا لا يعرف الزينة،
بل يعرف الدموع على الأرصفة،
والصمت في عيون الأطفال الذين كبروا قبل أوانهم.
ومع ذلك… ما زال في هذا الشعب قلب ينبض.
ما زالت الأيدي تفتح أبواب البيوت حتى لو كانت خالية،
ما زال هناك مَن يشعل نار القهوة لا ليحتفل، بل ليتذكّر أن الحياة تستحق أن تُعاش، ولو بالحدّ الأدنى من الدفء.
لعلّ في هذا العيد دعوة لا تُقال:
أن نُمسك بأيدي بعضنا، أن نكون فداءً لبعضنا،
أن نمنح لبعضنا ما تبقي من حنان، من صبر، من إنسانية.
لعلّ العيد الحقيقي ليس في الأضاحي، بل في ألّا نُضَحّي ببعضنا.
في أن نحفظ ما تبقّى فينا من نور، حتى لا يبتلعنا هذا الليل.
Leave a Reply