
بقلم: د.معتصم دونتاي
وأنا برلوم في الجامعة ذهبت زيارة إلى قريبي محمد بجامعة السودان، التقيت، بذلك الشاب الوسيم الأنيق، تبدو عليه آثار الأسر الغنية بشكل واضح ، جلسنا مع بعض وهو يتحدث ويحكي النكات والقصص السياسية، خرجنا وأثناء خروجنا، نادى علينا تعالو نوصلكم قدام، ذهلت طالب ويمتلك سيارة، همست في أذن قريبي، انت الكوز دا بتعرفو من وين، ضحك قريبي كوز شنو ياخي دا رفيقنا طارق، صمت ولم يدخل هذا الحديث إلى أذني لكن مشيت الحال ذهبنا وافترقنا، بعد اسبوعين من هذا اللقاء حدثت تظاهرات طلابية عنيفة جدًا، وأثناء خروجنا في التظاهرة، إذ بي أشاهد ذلك الشخص، الذي التقيته سابقًا، وهو متقدم موكب
التظاهرات وسط البنمبان والرصاص ويرتب الهتافات بصوت وثبات غير عادي ويحفز الطلاب على التقدم وعدم الهروب يا ربي دا (طارق صاحب محمد ) ، شاهدني من بعيد وذهب إلىَّ وصاح خليك بي جاي يا برلوم ما تمشي بعيد بضربوك وهو يتقدم، وأنا كنت سابقًا، أنظر إليه كواحد من أولاد الخرطوم الحناكيش، أدهشني بشجاعته وجسارته وقدرته في تنظيم الموكب وسط هذا الكم من الرصاص والبمبان، كان حريصًا أن أكون أنا في مكان سليم أكثر من نفسه، ضربت التظاهرة بقوة وتشتت الموكب وهو يحرص ان أكون إلى جواره بغرض حمايتي، أخذني معه إلى منزلهم بالعمارات منزل فخيم ثم أتى بعدها عدد من أصدقائه ورفاقه، وأكرمنا كرم غير عادي وظل واقفًا يخدم الحضور ويحكي النكات والقصص عن التظاهرة، ثم جلس إلى جانبي وتحدث إلىَّ بشيء من الجدية تعرف يا برلوم التظاهرة الانت طلعت فيها دي، دي جزء من خط سياسي اسمو النضال السلمي ودي الوسيلة الأفضل لإسقاط هذا النظام ، طريق صعب وشائك لكنه أفضل من التغيير عبر السلاح والع-نف، هو الطريق الوحيد، الذي يحافظ على وطننا ويسقط هذا النظام الدكتاتوري ، ودا طريق مجرب، تاريخيًا مشى فيهو المهاتما غاندي سمعت بيهو رديت، أنا لا .
رد هو غاندي دا زعيم هندي رائد التغيير السلمي، وسار على طريقه مارتن لوثر في أمريكا في ثورة السود من أجل مناهضة العبودية ونليسون مانديلا في جنوب إفريقيا وهنا في السودان لحدي ثورة أبريل، قدم محاضرة طويلة وسلسة وأنا مشدوه بالكم الهائل من الثقافه، التي يحملها هذا الشاب البرجوازي
فجأة صمت، ثم ذهب وأحضر جهاز مسجل وصاح بابتسامة ساخرة نغير أجواء العنف والسياسة دي شوية
فغنى زيدان
في بعدك ياغالي أضناني الألم
عشت مع الليالي لا حب لانغم .
الهدوء عم المكان بشكل غريب .
ثم نمت أنا وسمعت صوت ضحكاته الخفيفة كأنها من بعيد.
البرلوم نام من التعب ود أم زقده والله راجيك تعب لامن تعرف حاجة .
ومن يومها عرفت التعب وعرفت رجلًا صلبًا قويًا كريمًا صادقًا في كل شيء
رحمك الله يا طارق وأسكنك الجنة
( إنا لله وإنا إليه راجعون)
Leave a Reply