
بقلم: عبد الله رزق ابو سيمازه
هزة طفيفة، أصابت تحالف “المجد- للبنادق”، لكن يمكن الاستدلال بها على هشاشته، وتصدع بنيانه، غير أن الأمر ليس خطيرًا، حتى الآن، لأن البنيان يمكن ترميمه، طالما أنه يتعلق بالمصالح الخاصة، لا بإدارة العمليات، أو باستراتيجية وتكتيكات الح.رب، أو فك حصار الفاشر واستعادة دارفور، أو الموقف من مساعي إنهاء الح.رب… إلخ، ما يعني أن تحالف الطرفين، لم يقم- أساسًا- على مصلحة عامة. هذا الصدع هو الامتحان الأول من نوعه، لتماسك تحالف “المجد – للبنادق”، المتمحور حول سلطة بورتسودان. كما أن أهميته، كحدث، تكمن في فضح زيف الشعارات، التي يحاول دعاة الح.رب، التمويه بها على مصالحهم الخاصة، المرتبطة باستدامة الح.رب، بعد إشعالها، والاستثمار فيها. لقد بدا لكثير من أطراف التحالف، أن استعادة العاصمة- الخرطوم، هي نهاية الحرب، وبدء مرحلة اقتسام الغنائم، وإعادة التمكين. وهو مؤشر إلى أن دعاة دولة “البحر والنهر” على استعداد للمساومة بغرب السودان. في هذا الإطار، أثار تعيين إثنين من الصحفيين، من كوادر نظام البشير، في منصبي ملحق إعلامي في بلدين مجاورين، ردود أفعال عاصفة، غير متوقعة، مما اضطر السلطة، صاحبة القرار، للتراجع. وتكرر الأمر، وإن بدرجة حدة أقل، عند تعيين وزير للإعلام، الذي أثار انقسامًا، بين مؤيد ومعارض، وسط أنصار حكومة الأمر الواقع، النازحة في البورت، من صحفيي نظام البشير، وبدا أن مجموعة من أنصار نظام البشير، كانت تترقب حصولها على مواقع في الحكم، نظير وقوفها مع حكومة البورت، في حرب.ها على الدع.م الس.ريع، ما يعني أن مواقفها محسوبة بالمصلحة أو المقابل المادي، وليست مجانية، بحيث تكشف الأمر عن صراع مبيّت على السلطة ومكاسبها. لكن تعيين رئيس الوزراء، تجاوز ردود الفعل الغاضبة، إلى إثارة خلاف جدي، أحد أطرافه الحركات الدارفورية، في التحالف، ووضع عقبات أمام الحكومة الجديدة، حسب قناة الحدث، التي أشارت إلى تحفظ حركة العدل والمساواة على حل الحكومة القديمة، بجانب تمسك حركة تحرير السودان، برئاسة اركو مني مناوي، بوزارتي المعادن والشؤون الإنسانية. في هذا الصدد قال الأمين السياسي للحركة، وفق قناة الشرق، أن حل الحكومة بالكامل، بما في ذلك، من أسماهم “وزراء السلام”، مخالف لاتفاق جوبا. فيما نُسب إلى أحد قيادات الحركة، الفريق أول ركن آدم كاربينو، تصريح لا يخلو من التهديد، قال فيه: “إن إقالة جبريل من منصبه يهدد بانهيار السودان، واتساع رقعة الح.رب.” وأضاف: “جبريل هو الضامن الوحيد لمستحقاتنا الشهرية، من خزينة الدولة، وإذا لم يصلنا حقنا هذا الشهر، سيكون الوضع صعبًا على البلاد والعباد.” وقد وجه رئيس الحركة، د.جبريل إبراهيم، خطابًا إلى الجنرال عبد الفتاح البرهان، القائد العام للقوات المسلحة، في 31 مايو 2025، ذكّره، في مستهله، باتفاق سابق بينهما، يتم، بمقتضاه، منح الحركة منصب رئيس الوزراء، ووزير المالية والخارجية والنقل ولاية الخرطوم، وشمال كردفان، وشمال دارفور، وجنوب دارفور، وذلك للخروج من الحياد، والمشاركة في الح.رب ضد “مليشيا الدع.م الس.ريع”، حسب الخطاب. ويتعلق الحياد بالالتزام باتفاقيات التورابورا والجنجويد في جوبا، ثم الاتفاقات التي تمت تحت التربيزة، في تشاد، وكشفها مني اركو مناوي. وقد ظلت قوات الحركات، المعروفة بالقوات المشتركة، حينًا من الدهر، وهي تحتشد بالفاشر، تعاني من مأزق أخلاقي، نتيجة تقاطع اتفاقاتها مع الدع.م الس.ريع من جهة، ومع حكومة الأمر الواقع، من الجهة الأخرى. وقال جبريل في خطابه مخاطبًا البرهان: ” بتعيينكم د.كامل إدريس رئيسًا لمجلس الوزراء؛ فإن هذا الأمر ينسف الاتفاق الذي توصلنا إليه بخصوص خروجنا من الحياد والمشاركة في الح.رب. إذا لم يتم تنفيذ الاتفاق، الذي تم بيننا، سيتم سحب كل قواتنا من محاور الق.تال المختلفة.” وتتسم تقديرات حركة العدل والمساواة، وليدة ص.راع الإسلاميين، نهاية القرن الماضي، على السلطة، والمحسوبة منذ الانقسام على حصة الترابي، وحسابات عوائدها من المشاركة في الحكم وفي الح.رب، والتخلي عن الحياد بالواقعية الشديدة، بعيدا عن الرومانسيات الج.هادية، وعن سرديات الكرامة والوطنية، التي يحاول قسم من بقايا نظام البشير سوق الناس بها إلى المحرقة. (لعل مما يثيرالسخرية، أن يتحدث عن الوطنية والكرامة، من فصلوا الجنوب، ورهنوا أبيي للمساومة!). ويبدو أن الحركة، التي ظلت لوقت طويل مترددة في الدخول في الح.رب في الفاشر، لا تجد حرجًا في التنصل عن اتفاق الحياد، وغيره من الاتفاقات التي تربطها وتنظم علاقتها بالدع.م الس.ريع. ومثلما تخلى البرهان عن اتفاقه مع الحركة؛ فإنها لا تجد حرجًا، في التخلي عن أي اتفاق أو تعهد، بما في ذلك الناظمة علاقتها بما تسميه “مليشيا الدع.م الس.ريع”، طالما وجدت مصلحة في ذلك.
Leave a Reply