
د. سلمى نائل
في ساحات الموت العبثي، يقف المواطن السوداني العادي – ذاك الذي لم يحمل سلاحًا يومًا ولا عرف للسياسة بابًا – وحيدًا وعاريًا بين سندالة الجيش ومطرقة الدعم السريع.
حين تداهمك قسوة الحياة وتضطرك الظروف إلى أن تلجأ إلى منطقة يسيطر عليها أحد طرفي النزاع، تصبح تلقائيًا في موضع الاتهام والخطر:
فإن مكثت في منطقة يسيطر عليها الدعم السريع، يوصمك الجيش بالتعاون والخيانة.
وإن وجدك أحد في معقل الجيش، اتهمك الدعم السريع بأنك عين لفلول “الكيزان” أو مخبر مدسوس.
هكذا يتحول المواطن البريء إلى عدو للطرفين، وصيد مباح للتصفية بدم بارد.
ولئن نجا من النيران العشوائية والقذائف الطائشة، فإن سكين التصفيات والاتهامات الكاذبة بجرائم لا يد له فيها ولا ذنب، ستكون بانتظاره.
ولم يكن الفقر والجوع والعوز إلا أسبابًا اضطرته للبقاء في أماكن الموت بحثًا عن لقمة أو مأوى، ليجد نفسه في قلب جحيم ليس له فيه ناقة ولا جمل.
يموت المواطنون بلا محاكمات، بلا محاسبة، بلا رحمة.
تطحنهم آلات القتل من كل صوب، بينما صرخاتهم تختنق تحت ركام البيوت المهدمة، وتذروها الرياح إلى عالمٍ يتفرج ولا يتحرك.
ومن هنا، نناشد بأعلى الأصوات كل المجتمعات الدولية والإقليمية، وكل من بقي له ذرة ضمير حي، أن يتحركوا فورًا لإيقاف هذه الحرب العبثية.
كفى دمارًا… كفى دماءً… كفى عبثًا بحياة البسطاء.
أوقفوا الحرب قبل أن يلتهم الحريق آخر ما تبقى من الوطن.