مرور عامين على إشعالها: جنرالا الحرب في السودان.. لا سلام في الأفق

في الذكرى السنوية الثانية للحرب التي مزقت السودان، عاد قائدا طرفي الصراع، الفريق عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي)، إلى لغة الحرب والتصعيد، مما يبدد أي أمل في حل سلمي قريب.
في خطابه، جدد البرهان، قائد الجيش السوداني، تأكيده على مواصلة القتال، رافضًا أي حوار مع القوى السياسية التي كان قد أطاح بها في انقلاب مشترك مع حميدتي. لم يترك البرهان مجالًا للشك في عزمه على الاستمرار في الحرب، مهددًا القوى السياسية، ومؤكدًا أن السلطة ستكون لمن يحملون السلاح، ومستبعدًا أي دور لرئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك.
في المقابل، لم يختلف خطاب حميدتي، قائد قوات الدعم السريع، كثيرًا. إذ أعلن عن عزمه تشكيل حكومة جديدة في مناطق سيطرته، تضم مجلسًا رئاسيًا من 15 عضوًا، وإصدار وثائق ثبوتية وعملة خاصة بها، وتقديم الخدمات، مما يرسخ الانقسام ويزيد من تعقيد الأزمة.

لا بوادر للسلام، تصعيد مستمر
الخطابان لم يحملا أي إشارة إلى رغبة في وقف إطلاق النار أو العودة إلى طاولة المفاوضات. بل على العكس، حملا تهديدات وتصعيدًا، إذ هدد عبد الرحيم دقلو، القائد الثاني لقوات الدعم السريع، باجتياح ولايتي الشمالية ونهر النيل، بينما تواصل قواته توسيع سيطرتها في دارفور.
في الوقت نفسه، يستمر استهداف محطات الكهرباء وخزانات الوقود بالطائرات المسيرة، مما يزيد من معاناة المدنيين، الذين يدفعون الثمن الأكبر لهذه الحرب العبثية.

المجتمع الدولي بلا حول ولا قوة
جهود الوساطة التي بذلتها الإيقاد والمملكة العربية السعودية ومؤتمر لندن، بالإضافة إلى الدعوات الدولية والإقليمية لوقف الحرب، لم تثمر عن أي نتيجة. قادة الحرب يواصلون تجاهل معاناة الشعب السوداني، الذي يعيش في مخيمات النزوح والملاجئ، ويحلم بالعودة إلى دياره التي دمرتها الحرب.
خطابا البرهان وحميدتي يمثلان عودة إلى مربع الحرب الأول، ويؤكدان أن السلام ليس في الأفق القريب. الشعب السوداني، الذي يعاني من الجوع والمرض والنزوح، هو الضحية الأولى لهذه الحرب المدمرة، التي تهدد بتقويض مقومات الدولة السودانية.

إحصائيات وأرقام
تتفاوت التقديرات بشكل كبير بسبب صعوبة الوصول إلى مناطق القتال وجمع البيانات الدقيقة.
حيث تشير بعض التقديرات إلى أن عشرات الآلاف قد قتلوا، مع تقديرات متحفظة تشير إلى أكثر من 20,000 مدنياً على الأقل.
وفي ولاية الخرطوم وحدها، تشير تقديرات إلى مقتل أكثر من 61,000 شخصاً حتى نوفمبر 2024، بينهم حوالي 26,000 نتيجة مباشرة للعنف. أما في دارفور، تشير تقارير إلى مقتل ما بين 10,000 و 15,000 شخصاً في عام 2023 بسبب العنف العرقي.
وتسببت الحرب في واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم. حيث نزح أكثر من 13 مليون شخصاً من ديارهم، من بين هؤلاء، نزح حوالي 8.6 مليون شخصاً داخليًا، كما فر أكثر من 3.8 مليون شخصاً إلى الدول المجاورة مثل تشاد ومصر وجنوب السودان وإثيوبيا.
ويعتبر السودان حاليًا أكبر أزمة نزوح في أفريقيا.

تدهور الأوضاع الإنسانية يواجه أكثر من نصف سكان السودان (حوالي 25 مليون شخصاً) مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويواجه حوالي 8.7 مليوناً خطر المجاعة.
كما خرج أكثر من 80% من النظام الصحي في البلاد عن الخدمة.
تفشي الأمراض مثل الكوليرا والملاريا والحصبة وحمى الصنك.
وشهدت البلاد تضرر وتدمر جزء كبير من البنية التحتية في المدن المتضررة، خاصة الخرطوم. وارتكبت أطراف النزاع انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل والاغتصاب والاعتقال التعسفي وتدمير الممتلكات.
تستمر الحرب في السودان حتى يومنا هذا، وتتفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل كبير، مما يستدعي جهودًا دولية مكثفة لوقف القتال وتقديم المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين.