بيان قطر سوريا في الذكرى 79 لاستقلال سوريا

أمة عربية واحدة
ذات رسالة خالدة
حزب البعث العربي الاشتراكي

قيادة قطر سوريا

في الذكرى 79 لاستقلال سوريا
البعث:
سوريا حققت استقلالها الثاني بتحررها من الهيمنة الإيرانية
واليد ممدودة للمساهمة في إعادة البناء الوطني

تمر علينا اليوم مناسبة وطنية كبرى، هي ذكرى جلاء المحتل الفرنسي عن بلدنا العزيز سوريا.
ففي مثل هذا اليوم منذ تسعة وسبعين عاماً أُعلن عن جلاء آخر جندي فرنسي عن أرضنا الوطنية بعد احتلال استمر لأكثر من خمسة وعشرين عاماً تحت مسمى الانتداب الذي جاء إنفاذاً لاتفاقية سايكس -بيكو الذي أطلق عليه في حينها هذا الوصف تلطيفاً، فيما حقيقة الأمر أنه جسّد احتلالاً استعمارياً قام على أنقاض تقاسم تركة السلطنة العثمانية في المشرق العربي بين الفرنسيين والانكليز.
إن شعبنا العربي في سوريا الذي وعى مبكراً مخاطر الاحتلال الفرنسي المغطى بصيغة الانتداب وفق ما نصت عليه قرارت عصبة الأمم المتحدة آنذاك، لم يستسلم لهذا الواقع ولم تنطلِ عليه الوعود الاستعمارية الكاذبة بتمكين العرب من الإمساك بناصية قراراهم الوطني المستقل وإدارة شؤونهم الوطنية بعيداً عن الوصاية الدولية، إذ بادر إلى إعلان ثورته التي انطلقت شرارتها الأولى بعد وقت قليل من صدور القرار الدولي بوضع سوريا تحت الانتداب، وكان لقادة الثورة من إبراهيم هنانو وصالح العلي وغيرهما من الذين قادوا الثورة في الساحل السوري وجبال العلويين إلى حسن الخراط في الغوطة، وقبل ذلك ما انطوت عليه معركة ميسلون واستشهاد بطلها يوسف العظمى، الدور الفعّال في جعل الثورة تمتد في وقت قياسي إلى الجنوب والمناطق الشرقية وصولاً إلى قيام الثورة السورية الكبرى بقيادة القائد الوطني الكبير سلطان باشا الأطرش.
لقد كانت أولى النتائج التي أسفرت عنها الثورة، هي تنمية روح المقاومة الوطنية وإسقاط مشروع تقسيم سوريا الذي كان يخطط له المستعمر الفرنسي. وقد أثبت شعب سوريا من خلال ثورته أن الانتماء الوطني لديه يرتقي فوق الانتماءات الدينية الإيمانية والإثنية والمناطقية، وأن انشداد الجماهير إلى وطنيتها وعروبتها المتجذرة، هو ما جعل الأرض تميد تحت أقدام سلطة الانتداب وتفرض الانسحاب الفرنسي ونيل سوريا لاستقلالها الوطني. ومعها بات السابع عشر من نيسان 1946 يوماً يؤرخ لجلاء آخر جندي فرنسي عن سوريا وهو اليوم الذي تحتفي به سوريا باعتباره تأريخاً للاستقلال الوطني.
وإذا كان يوم السابع عشر من نيسان عام 1946 ينطوي على رمزية وطنية ترتبط بنيل سوريا لاستقلالها الوطني، فإن القيمة المضافة لهذا اليوم الوطني، أنه يؤرخ لمناسبة قومية هامة هي الإعلان عن الميثاق الوحدوي بين سوريا ومصر والعراق عام 1963 كما تأريخه لذكرى تحرير مدينة الفاو 1988، التي شكلت معركة تحريرها بوابة نصر العراق العظيم في القادسية الثانية على النظام الإيراني المجبول بالحقد الشعوبي الدفين على العروبة.
واليوم إذ يحتفي شعبنا بعيد استقلاله الوطني، فإن احتفائه هذا العام إنما ينطوي على دلالة خاصة بعد إسقاط نظام القمع والاستبداد والتوريث السلطوي الذي حكم سوريا بالحديد والنار لأكثر من خمسة عقود وألغى الحياة السياسية في القطر ولم يتوان عن الاصطفاف مع النظام الإيراني الذي لم يتردد عن توصيف تغوله في العمق القومي العربي بأنه هيمنةً مباشرةً وهو الذي أفصح على لسان مسؤوليه بأنه بات يسيطر على أربع عواصم عربية، دمشق وبغداد وبيروت وصنعاء. وإذا كان إسقاط نظام الردة قد أسقط حقبة قاتمة من حياة سوريا بكل تداعياتها الشديدة الوطأة على شعب سوريا بكل مكوناته المجتمعية؛ فإن إخراج النظام الإيراني من سوريا بكل تعبيراته وشخوصاته ومليشياته يوازي بأهميته الوطنية وبعده القومي الدلالات التي انطوى عليها إخراج المستعمر الفرنسي وجلائه عن أرضنا الوطنية. وعليه فإن اليوم الذي سقط فيه النظام الذي أذاق جماهير سوريا الأمرين ووضع حداً للسيطرة الإيرانية على سوريا بتواطؤ من النظام؛ بات يعتبر يوم استقلال ثاني سيبقى شعبنا يحييه باعتباره اليوم الذي فتح بوابة عودة سوريا إلى فلكها القومي واستعادة دورها كرافعة للنضال العربي في مواجهة أعداء الأمة وفي طليعتها العدو الصuهيوني.
في هذه المناسبة الوطنية العزيزة على قلوب السوريين، فإن حزبنا، حزب البعث العربي الاشتراكي، إذ يبارك لشعب سوريا عيده الوطني وتحرره من الاستعمار الفرنسي والهيمنة الإيرانية، يعتبر إعادة بناء سوريا بناءً وطنياً هي مسؤولية وطنية شاملة وهي مسؤولية كل القوى الحريصة على وحدة سوريا أرضاً وشعباً ومؤسسات، والحريصة على عروبتها واستعادة دورها في ظل نظام سياسي تحكمه ديموقراطية الحياة السياسية وتداول السلطة وتطبيق أحكام العدالة الانتقالية. وعليه فإن يدنا ستبقى ممدودة للمشاركة والمساهمة في ورشة البناء الوطني ولتمكين سوريا من مواجهة التحديات التي تعترض مسيرة استنهاضها وإعادة إعمارها وتحريرها من كل أشكال الاحتلالات والوصايات.

تحية لأرواح الشهداء الذين بدمائهم صنعوا الجلاء الأول والاستقلال الثاني
وتحية لشهداء الأمة العربية في فلسطين وفي كل أرضٍ عربية سقطوا وهم يواجهون الاحتلال.
عاشت سوريا حرة عربية ديموقراطية موحدة.
عاشت فلسطين ومقاومتها وجماهيرها الصامدة الصابرة
عاشت الأمة العربية

قيادة قطر سوريا
17 نيسان 2025