
د. عصام علي حسين
عامان من الحرب العبثية التي اشتعلت في الخامس عشر من أبريل 2023م أزهقت الأرواح وشردت المواطنين ودمرت البنية التحية وعطلت عجلة الإنتاج وتسببت في آثار اجتماعية واقتصادية كارثية.
عامان من الحرب أحدثت خسائر بشرية لا مثيل لها في تاريخ السودان الحديث حيث قدرت بأكثر من 150 ألف شخص فقدوا أرواحهم وخلفت أضعاف هذا العدد من المصابين والمعاقين وشردت أكثر من 10 مليون من المواطنين (حسب تقديرات منظمة الهجرة الدولية) ما بين نازح ولاجئ وحوالي 18 مليون سوداني بحاجة إلى الغذاء حسب تقارير منظمة الفاو .
عامان من الحرب أفقدت البلاد 80% من الموارد الاقتصادية وأحدثت خسائر اقتصادية بلغت 150 مليار دولار وأفقدت البلاد 60% من الناتج المحلي الإجمالي وألقت بظلالها السالبة على مؤشرات الاقتصاد الكلي حيث انفرط سعر الصرف وفقدت العملة الوطنية أضعاف أضعاف من قيمتها كما ارتفعت معدلات التضخم لأكثر من 400% مما أدى إلى تآكل القوى الشرائية للجنيه.
عامان من الحرب دمرت البنية التحية وخرجت أغلب المؤسسات عن تقديم الخدمة بما فيها المؤسسات التعليمية والصحية كما دمرت أغلب الطرق والجسور.
عامان من الحرب أدت إلى تدمير قطاع الكهرباء مما ترتب عليه انخفاض معدلات التوليد إلى أدنى مستوياتها بعد أن تم استهدافها بشكل مباشر سواء أن كانت محطات توليد مائية أو حرارية بما فيها المحولات الرئيسية كما دمرت محطات ضخ وإمداد المياه في أغلب مدن وحواضر البلاد.
عامان من الحرب قادت إلى هروب رأس المال الوطني حيث تشير تقارير غير رسمية إلى هروب 750 من المستثمرين المحليين قاموا بنقل أنشطتهم وأعمالهم التجارية إلى دول الجوار كما ألحقت عمليات القصف المتبادل إلى تعرض مئات الشركات والمؤسسات التجارية للاحتراق والنهب والتخريب شملت استثمارات ضخمة وراسخة.
عامان من الحرب أدت إلى تدمير 90% من المصانع وفقًا لما أشارت إليه تقارير رسمية أن 3493 منشأة صناعية بالعاصمة والولايات المتأثرة تم تدميرها تدميرًا كاملاً.
عامان من الحرب أدت إلى تدمير قطاع النفط بنسبة 80% حيث بلغت خسائر البلاد منه حوالي 20 مليار دولار.
عامان من الحرب تسببت في تدمير القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وتقلصت المساحات المزروعة في القطاع المروي والتقليدي وارتفعت تكاليف الإنتاج كما تقلصت مساحة المراعي بنسبة 65% وتلوثت نسبة كبيرة منها جراء القذائف والانفجارات وزراعة الألغام .
عامان من الحرب، أضرت بالقطاع المصرفي وأصبحت العديد من البنوك على وشك الإفلاس لأنها تواجه صعوبة في استرداد القروض الممنوحة بعد خسارة معظم المستثمرين لأنشطتهم التجارية ومؤسساتهم الصناعية، وتآكلت موجودات البنوك المقدرة بنحو 45 تريليون جنيه وخرجت العديد من البنوك عن الخدمة لتغلق أكثر من 70% من الفروع العاملة في البلاد والبالغ عددها 39 بنكًا حكوميًا وتجاريًا.
كما أن عمليات النهب والتدمير أثرت على البنية التحتية للبنوك وأفقدتها مبالغ طائلة من الودائع الأمر الذي زاد من أوجاع البنوك التي كانت تعاني أصلاً من ضعف في كفائتها المالية التي كانت أقل من الكفاءة المالية المعيارية العالمية.
إن استمرار الحرب وتمددها، سيعقد الأوضاع الاقتصادية والإنسانية لا سيما مع حالة الدمار الهائل التي أصاب البنى التحتية والمنشآت الاقتصادية والمشاريع الإنتاجية، التي حتما ستقود البلاد إلى مزيد من الانهيار الاقتصادي.