غزو واحتلال العراق جريمة أمريكية بشعة

الدكتور غالب الفريجات – الأردن

تمر الذكرى الثانية والعشرين لغزو واحتلال أمريكا للعراق في ظروف قاسية تمر بها الأمة العربية أمام هجمة إمبريالية أمريكية صهيونية لا مثيل لها منذ نكبة فلسطين في عام 1948 العام الذي أقامت الصهيونية كيانها على مأساة وظلم وطرد شعب فلسطين من أرضه ووطنه ووطن آبائه وأجداده لآلاف السنين تحت ذريعة وحجج واهية لا أساس لها من الصحة، وفي جريمة العصر التي تعطي من لا يملك أرض ووطن من يملك، وبدعم دولي تمثل في قوى عالمية باغية دأبت على استعمار الشعوب ونهب ثرواتها.

العرب وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني الذين يعانون من الاحتلال الصهيوني قد ناضلوا طيلة فترة الاحتلال ضد المشروع الصهيوني العدواني الإمبريالي التوسعي المدعوم عالميًا وهو ما شكل في نظر العرب عدوانًا على كل العرب، وعلى العرب جميعًا ان يتصدوا له على اعتبار أن الصراع عربي صهيوني، وأن قضية فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربية.

لقد جاء غزو واحتلال العراق ردًا على الحالة الوطنية والقومية التي بات يشكلها العراق في ظل النظام الوطني الذي يملك عقيدة وطنية قومية تؤمن ايمانًا قاطعًا بأن من حق العرب ان يمارسوا حقهم في النهضة والتقدم، وفي ضوء ذلك بنى العراق نموذج الدولة التحررية التي تملك مقومات النهوض والتقدم، فكان للعراق جيشه البطل الذي تمكن من دحر العدوان الفارسي في حرب دامت ثماني سنوات، خرج العراق بقوة عسكرية باتت الأطراف العدوانية والطامعين في المنطقة وبشكل خاص الكيان الصهيوني وأسياده في الدوائر الإمبريالية، وخاصة في لندن وواشنطن تخشى منه.

العراق الذي خرج منتصرًا بحرب الثماني سنوات؛ يملك جيشًا عسكريًا صاحب تجربة قتالية متميزة، وجيشًا من العلماء وقاعدة صناعية وزراعية بات مطلوبًا من كل أعداء الأمة في الإقليم وفي العالم، وبدأت دوائر العدوان هذه حشد طاقاتها، فكان عدوان الثلاثين دولة بقيادة أمريكا في العام 1991، وتبع العدوان الحصار القاسي الذي أصاب المجتمع العراقي في الصميم وترك ندوبًا غائرة في الحياة العراقية، وما تبعه من ادعاءات امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل استباح المفتشون كل مفاصل الدولة العراقية.

أمام هذه الحالة التي كان يعيشها العراق جاءت أزمة العراق مع الكويت، والتي اتخذت ذريعة في الغزو والاحتلال الأمريكي، جيشت أمريكا دول العالم وفي مقدمتها دول النظام العربي الرسمي لاحتلال العراق وكان لها في العام 2003، الذي جاء بكل العملاء والخونة والمأجورين من شتى أطياف ما سمي بالمعارضة من ذوي العمائم السوداء والبيضاء على السواء وقيادات الجيب الكردي التي تنكرت لكل ماصنعه لها النظام الوطني في بيان الحادي عشر من آذار عام 1971.

أمام الغزو الأمريكي قامت أسرع مقاومة في التاريخ وتمكنت من طرد الأمريكان الذين لجأوا لتسليم العراق لدولة الملالي في طهران تكريمًا لمواقفهم فيما قدمه هذا النظام المجرم من خدمات أثناء الغزو والاحتلال، فبات العراق يرزح تحت احتلالين أمريكي وإيراني ودفعت إيران بكل عملائها وممن تربوا في أحضانها وحاربوا معها أثناء عدوان الثماني سنوات ليعيثوا في العراق فسادًا في كل مفاصل الدولة والمجتمع، ودمروا البنية الاجتماعية وبنوا نظامًا طائفيًا ممقوتًا خسر فيه العراق كل ما بناه النظام الوطني في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

الغزو الأمريكي بلونه الإيراني قد دمر العراق في نظامه السياسي، فقتل رئيس الدولة، وصنع نظامًا طائفيًا ممقوتًا، وفي نظامه الاقتصادي نهب ثرواته، ومزق نسيجه الاجتماعي، وجعل من العراق أكثر دولة فشلًا وفسادًا في النظام الدولي بعد أن كان نظامه الوطني متسمًا بالنفوذ والقوة، مهيوب الجانب خالي من الفساد، وبرجال دولة قد شبههم البعض حتى من المعارضة ملائكة الله على الارض.

العراق اليوم جثة سياسية هامدة ما هو إلا الحديقة الخلفية لنظام ملالي الفرس الحاقدين على العرب والإسلام، وبالتالي فإن ما يحتاجه العراق اليوم ثورة شعبية يشمل كل مفاصل المجتمع، فإن ملالي الفرس خطر على كل العراق بكل أطيافه وهو يستثمر النظام الطائفي لتحقيق أهدافه، ورغم ما يعانيه المجتمع العراقي من قهر وظلم وذل بفعل عملاء إيران؛ فإن العراقيين لم يقبلوا ولن يقبلوا بسيادة إيران عليهم ونحن على يقين أن تحرير العراق بجهود العراقيين قادر على كنس كل العملاء والخونة المأجورين ليعودوا أحرارًا أسياد في بلدهم فالعراق رمح الله في الأرض وعمقه التاريخي لا يقبل بالحالة التي يعيشها اليوم.

حيا الله العراق والعراقيين، وإننا وإياهم على موعد مع النصر والتحرير ليعود العراق كما عرفته الأمة البوابة الشرقية للأمة وينتصر لقضايا أمته وبشكل خاص في فلسطين المحتلة.

رحم الله شهداء العراق وفي مقدمتهم شهيد الحج المناضل صدام حسين ورفاقه الذين قدموا الغالي والنفيس للدفاع عن الوطن والأمة.