
القيادة القومية:
▪️إسقاط نظام الردة الشباطية أسقطه كمنتحل صفة وأفقد المشروع الإيراني مرتكزاً أساسياً.
▪️لإعادة النبض للشارع العربي انتصاراً لفلس-طين ولقضيتي الوحدة والديموقراطية.
▪️لوحدة وطنية فلس-طينية تحت مظلة منظمة التحرير الفلس-طينية.
▪️لدعم عربي لإعمار غزة وتوفير مقومات الصمود لشعب فلس-طين في الداخل وعالم الشتات.
▪️تحية لدولة جنوب أفريقيا وكل من وقف مع فلس-طين وضد العدوان الصuهيوني.
اعتبرت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، أن سقوط نظام الردة الشباطية في سوريا، أسقطه كنظام منتحل لصفة البعث، وأفقد المشروع الإيراني أحد مرتكزاته الأساسية في العمق القومي. ودعت إلى تثوير الواقع الشعبي العربي وإعادة النبض للشارع العربي انتصاراً لفلس-طين وقضايا الوحدة والديموقراطية وحماية مرتكزات الدولة الوطنية من مخاطر التمزق.
جاء ذلك في بيان شامل للقيادة القومية بمناسبة حلول الذكرى الثامنة والسبعين لتأسيس البعث في ما يلي نصه:
يا جماهير أمتنا العربية المجيدة
أيها المناضلون العرب على مساحة الوطن العربي الكبير:
ثمانية وسبعون سنة مرت على عمر البعث منذ بادرت كوكبة من المناضلين العرب وعت الحقيقة القومية لأمتهم، على إطلاق حركة تاريخية أخذت على عاتقها تثوير الواقع العربي، للانتقال به من حال التجزئة إلى حال الوحدة، ومن حال التخلف إلى حال التقدم، ومن حال الاستبداد المادي والمعنوي إلى حال الحرية بكل تعبيراتها السياسية والاجتماعية عبر ثلاثية “الوحدة والحرية والاشتراكية” التي شكلت اختصاراً مكثفاً لأهداف الثورة العربية، والمعبِّر الحقيقي عن الطموح الشعبي العربي في انبعاثٍ متجددٍ لأمةٍ، حفل تاريخها بإنجازاتٍ كبرى، منذ تبلورت معالم دولة الخلافة بحقباتها الثلاث، وهي التي نقلت العرب إلى المستوى الذي أثبتوا فيه وجودهم وقدرتهم على الزود عن حياضهم ودورهم في بناء صروح حضارية عمّ إشعاعها ربوع المعمورة.
إن البعث عندما أعلن عن نفسه كحركةٍ قوميةٍ نضاليةٍ عابرةٍ للتقسيمات الكيانية وتظللها العروبة كهويةٍ قادرةٍ على استيعاب كل التنوع الاجتماعي والمجتمعي في إطار المكون القومي الأشمل، فلإدراك منه أن العرب الذين استطاعوا توحيد صفوفهم، وحملوا رسالة حضارية للإنسانية، وهزموا أقوى الإمبراطوريات التي كانت تهيمن على بلاد العرب، قادرون اليوم أن يستنهضوا واقعهم وأن يأخذوا موقعهم كأمةٍ حية ويتصدون لحمل رسالة للإنسانية بالاستناد إلى معطى الإرث الحضاري تحت شعار:
“أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة”
واليوم وفي مناسبة حلول الذكرى الثامنة والسبعين لتأسيس حزبنا، حزب البعث العربي الاشتراكي، حزب الوحدة والحرية والاشتراكية، فإن الوطن العربي الذي يختلج بأحداثٍ كبرى جراء الصراع فيه وعليه، ينوء تحت وطأة ارتفاع منسوب العداء للعروبة، بما هي هوية قومية جامعة، وللوطنية بما هي نظام متكامل لتأكيد حق المواطنة، وللديموقراطية بما هي ناظم للحياة السياسية، مع استدراك بأن الأحداث التي تعصف بالوطن العربي حالياً، لم تكن غائبة يوماً عن حياة الأمة العربية في تاريخها القديم والحديث، إن كان على مستوى الكل القومي أو على مستوى الأطر الوطنية، بحكم ما تنطوي عليه من مقوماتٍ تمكنّها من استعادة انبعاثها وتبوء موقعها الذي يليق بها وبتاريخها بين الأمم.
وإذ تأخذ تطورات الأحداث على الساحة القومية بعداً خطيراً هذه الايام، فلأن مساحة الانكشاف الذي تعيشه الأمة باتت واسعة بعد العدوان المتعدد الجنسيات على العراق واحتلاله الذي تحل ذكراه ال 22 هذه الأيام وأدى إلى إسقاط نظامه الوطني، والذي بإسقاطه فقدت الأمة العربية الركيزة الأهم في البنيان القومي وحرمت حركة النضال العربي من الرافعة القومية التي شكلت على مدى فترة الحكم الوطني حضناً دافئاً لثورة فلسطين وجماهيرها يوم اقتسم معها لقمة الغذاء وحبة الدواء في أقسى الظروف التي كان يعيشها العراق في ظل الحصار الظالم الذي فرض عليه. وكما أن فلس-طين لم تكن مستهدفة لذاتها وحسب، فإن العدوان على العراق واحتلاله حصل في ذات سياق استهداف الأمن القومي ولأجل إزاحة عائقٍ أمام تصاعد العدوانية على الأمة التي بلغت ذروتها في حرب الإبادة التي يتعرض لها شعب فلس-طين بعد “طوفان الأقصى ” في غ-زة والضفة والقدس، وما يتعرض له لبنان وسوريا من عدوان صهuيوني متمادٍ، مع محاولات محمومة لتنفيذ “ترانسفير” جديد محمولٍ على الرافعة الأميركية لإخراج اهل غ-زة من ديارهم، مع استتباع يطال جماهير شعبنا في الضفة الغربية والقدس بغية تمكين الص-هاينة من فرض التهويد على كل فلس-طين، كخطوة على طريق إقامة ما يسمى “بدولة اسرائيل التلمودية التوراتية”.
إن هذا الذي تتعرض له الأمة من هجمة عدوانية متعددة المصادر والمواقع وبدعم مطلق من الامبريالية الأميركية، ما كان له أن يتبلور مزيداً من الوضوح في ما يستبطنه من أهداف، لو لم تكن القوى المعادية للأمة وعلى رأسها قوى التحالف الصهيو- أميركي، تدرك جيداً أن العرب يمتلكون من عناصر القوة المادية والمعنوية ما يمكنهم من إثبات وجودهم وتقديم نفسهم قوة فعاّلة ومؤثرة في إدارة النظام الدولي فيما لو توحدت إمكاناتهم وتكاملت في ما بينها على أرضية مشروع قومي، حدّه الأقصى الارتقاء بالعلاقات العربية إلى مستوى الاتحاد الفعلي، وحدّه الأدنى بلورة مشروع سياسي تحكمه وحدة الموقف في مواجهة الأخطار التي تهدد الأمن القومي العربي ببعديه السياسي والمجتمعي. وإذا كان العرب قد مروا بمراحل دفعوا فيها أثماناً باهظة من جراء ما تعرضوا له من احتلالات أجنبية، إلا أن هذا لم يلغ الاستحضار الدائم لكل ما استطاعات الأمة تحقيقه من إنجازات يوم توحدت إرادتها واقامت دولتها التي امتدت حدودها إلى ابعد مما هو معروف اليوم بحدود الوطن العربي الكبير مُقَدِمَةً للإنسانية إنجازات عظيمة في كل حقول الحياة وعلومها الإنسانية والتطبيقية، التي منها أخذ الغرب كثيراً مما أنتجه الفكر العربي، وتم البناء عليه في تطوير المجتمعات التي كانت تعاني تمزقاً وتخلفاً يوم كان العرب في أوج عزتهم وقوتهم.
إن ما يسجل للعرب من مآثر تاريخية هو أنهم كانوا أمة الدعوة لنشر رسالة الدين الحنيف، ومثّلوا حينذاك القوة الصاعدة التي هزمت بيزنطة وفارس كأقوى إمبراطوريتين. وهو ما أوغر صدورهما وبقيا يتحينان الفرص للثأر من العرب على ما حل بهما إبان حكم دولة الخلافة الراشدية وبعدها الأموية والعباسية والأندلس. وهذا ما جعل الأمة تبقى في حال صراع دائمٍ ومفتوح مع أعدائها المتعددي المشارب والمواقع. وإذا ما تمكن الأعداء من تسجيل نقاط لمصلحتهم في إطار هذا الصراع المفتوح، فليس لكونهم يمتلكون عناصر قوة مادية تفوق ما يمتلكه العرب، بل لأن المواجهة وفي كل الجولات التي حصلت ولما تزل، لم تدخلها الأمة موحدة الإرادة والإمكانات المتاحة، بل دخلتها وتدخلها، ممزقة ومحاصرة بواقع التجزئة ومهددة بإسقاط هويتها القومية.
إن إسقاط الهوية القومية للأمة ، يعني أن العروبة بنظر أعدائها هي مجرد حالة هيولية لا أساس لها كهوية جامعة تعرّف من خلالها الأمة، وبالتالي فإن الدعوة لوحدة الأمة يراد لها أن تكون دعوة منعدمة التحقق لانعدام مقوماتها وعناصرها الأساسية وأولها الهوية. وإما إسقاط الهويات الوطنية فهدفه النزول بالواقع العربي القائم على مستوى الكيانات الوطنية إلى ما دون ما هو قائم، والتعامل مع العرب بأنهم مجموعات بشرية تتوزع على طوائف ومذاهب وإثنيات، وأن لا هوية تجمعهم تحت عنوان الهوية القومية الجامعة، وأن الهويات الوطنية التي تشكلت عبر المرحلة الماضية هي مجرد هويات طائفية وإثنية وجهوية تتجاذبها عناصر التضاد والتصادم في ما بينها وبما يجعلها هويات قات-لة لأصحابها.
إن الاستهداف المعادي للأمة لم يقتصر على البنى السياسية دولاً كانت أو نظماً، وإنما امتد ليطال البنى الفكرية وحاملاتها التنظيمية ومن ضمنها استهداف البعث فكراً وتنظيماً ونضالاً، وعليه فإن الحملة المتعددة الأشكال والمصادر على البعث ليس أمراً طارئاً، بل هي قائمة منذ انطلاقته كطليعة متقدمة لحركة النضال العربي، وأن أبرز محطات الح-رب على الفكر القومي عامة والبعث خاصة، لا يؤرخ لها بتاريخ العدوان على العراق واحتلاله وإصدار قرار الحاكم الأميركي باجتثاث البعث، بل يعود إلى يوم حصلت ردة 23 شباط عام 1966 التي استمرت مفاعيلها سبعة وخمسون عاماً، إلى أن هوت مع تهاوي النظام الذي انتحل اسم البعث ومارس باسمه كل الموبقات السياسية على الصعد القومية والوطنية والاجتماعية.
إن سقوط نظام الردة في سوريا، لم يسقطه كنظامٍ منتحلٍ لصفة البعث وحسب، بل أسقط معه المشروع الإيراني الذي كان يعتبر إمساكه بالساحة السورية إحدى نقاط ارتكازه لتمدده وتغوله في العمق القومي. وبهذا الإسقاط فـَقَدَ المشروع الصهuيوني أحد ردائفه الذي كان يكمل بنتائج دوره ما يسعى العدو الصuهيوني لتحقيقه لجهة إضعاف مقومات الدولة الوطنية وتحويلها دولة فاشلة عبر إيجاد أرضية مُنَاسِبة لتشظٍ مجتمعي على قاعدة الولاءات المذهبية والطائفية.
إن إسقاط المشروع الإيراني في واحدة من أهم الساحات التي استند إليها في تمكين أذرعه من العبث والتخريب البنيوي في أكثر من قطر عربي، سيفضي حكماً إلى جملة نتائج إيجابية، الأولى، أنه يريح الوضع الداخلي العربي من عامل تخريب وخلخلة للبنية الوطنية والمجتمعية، والثانية أنه ينهي حالة الاستثمار الإيراني في القضية الفلس-طينية، والثالثة أنه يضع الأمة وقواها المقاومة في مواجهة العدو الصuهيوني كعدوٍ مباشرٍ ومكشوفٍ بعدما كانت تواجه عدوين: أحدهما من الباطن ويتغطى وراء شعار تحرير فلسطين، وثانيهما من الظاهر ويعمل على تنفيذ المرحلة الثانية من التطهير العرقي الشامل لشعب فلس-طين من أرضه وبدعم مطلق من الإمبريالية الأميركية.
إننا ونحن نطل على واحدة من المحطات النضالية للأمة العربية بعد 78 عاماً على تأسيس البعث، لا يخالجنا أدنى شك، بأن ارتفاع منسوب العدوان الص-هيو – أميركي على الأمة، هو هجوم استباقي لإجهاض التحولات الإيجابية في معطى الواقع العربي بعد الذي أفصحت عنه الأمة عبر حراكها الشعبي ودور قواها المقاومة التي تمتشق سلاح الموقف والبندقية على أرض فلسطين وتسطر ملاحم بطولية في التصدي للاحتلال أينما حَلَ، وآخرها عملية “طوفان الأقصى” التي وإن كانت التضحيات بدت غالية الثمن، إلا أن مردودها الإيجابي ارتقى بالقضية الفلس-طينية إلى مستوى تحولها إلى قضية رأي عام دولي بالتوازي مع اتساع دائرة الإدانة الدولية للكيان الصuهيوني ومقاضاته أمام المحاكم الدولية لارتكابه ج-رائم ح-رب وج-رائم ضد الإنسانية ولانت-هاكه أحكام القانون الدولي الإنساني .
أيها المقاومون على أرض الرباط في فلسطين وعلى تخومها
أيها الرفاق في خنادق النضال وساحات المواجهة:
إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وفي مناسبة حلول الذكرى الثامنة والسبعين لتأسيس الحزب، الذي يتزامن حلولها هذه الأيام مع تفلت الموقف الأميركي من كل ضوابطه ورفع وتيرة ابتزازه للأمة وتبني حيثيات الموقف الإس-رائيلي ضد شعب فلس-طين؛ إنما تؤكد على ثلاث قضايا أساسية:
الوحدة والديموقراطية وحماية مرتكزات الدولة الوطنية.
في الوحدة، وانطلاقاً من كون الاستهداف المعادي يطال الأمة العربية بماضيها وحاضرها ومستقبلها، فإن الرد على هذا الاستهداف المحمول على رافعة التحالف الص-هيو – أمريكي والمتماهي مع القوى الإقليمية التي تناصب الأمة العداء، لا يعطي ثماره إلا إذا اتخذ بعداً قومياً شاملاً، انطلاقاً من إدراك عميق بأن الوحدة كانت وستبقى الأساس الذي يمكّن الأمة من مواجهة التحديات على مستوى الأمن القومي والمجتمعي، وهي الهدف الأسمى للأمة وقد تجذّر في فكر البعث على المستويين النظري والعملي، وأبرز تجلياته ما يتعلق بتحرير فلس-طين، وهو ما أكد عليه القائد المؤسس بمقولته: “فلسطين طريق الوحدة والوحدة طريق فلسطين” . وإذا كان النظام الرسمي العربي قد استمرأ واقع التجزئة ويعمل على تكييف أوضاعه مع هذا الواقع، فهذا ما كان ولن يكون عامل حماية للأمة بِكلِّها القومي ولا حتى بمكوناتها الوطنية. فدول هذا النظام التي لم تستطع أن تفك حصاراً غذائياً عن غزة، أو أن تقدم بديلاً عملياً لفك الحصار السياسي والمالي والخدماتي عن منظمة التحرير الفلس-طينية وكل المؤسسات ذات الصلة بالتقديمات الخدماتية والمعيشية لجماهير شعبنا في داخل فلس-طين وخارجها، هي أعجز من تحقق استقلالاً وطنياً ناجزاً، أو أن تشكل رافعة لفعل التحرير ولكل الفعل المقاوم على أرض فلسطين وعلى تخومها على جبهتي سوريا ولبنان وحيث وصلت امداءات الاحتلال الصuهيوني .
وعليه، فإن بديل الرهان الكامل على سلطات دول النظام الرسمي العربي والذي بدا عاجزاً ومتخاذلاً عن توفير حضن دافئ لثورة فلس-طين، هو العودة إلى الجماهير العربية وتثوير شارعها من أجل إعادة الاعتبار لدورها في توفير الحاضنة الشعبية الدافئة لمقاومة شعب فل-سطين وكل فعل مقاوم للاحتلال ولأجل تحصين الجبهة الداخلية العربية من الاختراقات المعادية عبر إجراءات التطبيع على اختلاف مسمياته وتعبيراته.
وفي الديموقراطية، فإن إعادة تثوير الشارع العربي وتعبئته حول قضاياه الحيوية لا يتم على قاعدة التلقائية، بل يتطلب دينامية فاعلة وقوية لقوى حركة الثورة العربية والحزب في طليعتها عِبْرَ توفر شَروط الديموقراطية كناظم للحياة السياسية، وائتلاف القوى الشعبية في أطر جبهوية قومياً ووطنياً، وحماية مقومات الدولة الوطنية. وإذا كانت الحركة الوطنية العربية لم تولِ القضية الديموقراطية الأهمية التي تستحقها في سياق عملها النضالي، فهذا قصور يسجل عليها، وتداركه يكون بإعادة الاعتبار لهذه القضية بعناوينها السياسية والشعبية وإدراجها في صلب خطابها السياسي. وقد أثبتت تطورات الأحداث، أنه حيث تتوفر فسحة الديموقراطية في الحياة السياسية يكون نبض الشارع قوياً في إبراز حضوره انتصاراً لقضايا الأمة وخاصة القضية الفلس-طينية. وأما انتظام قوى الحركة الشعبية في أطر جبهوية، فهي الضرورة التي تفرضها مقتضيات تفعيل الجهد الجماهيري والسياسي ومراكمته في مواجهة التحديات القومية، كما مقتضيات التغيير الوطني الديموقراطي، وبما يمكنِّها من فرض نفسها رقماً صعباً في معادلة الصراع بتعبيراته الديموقراطية في معطى الوضع الداخلي، سواء لجهة إعادة تشكيل السلطة لمصلحة الاتجاه التغييري، أو لجهة ممارسة دور الرقيب الشعبي على الأداء السلطوي، وتجربة السودان قبل ردة 25 تشرين الأول 2021 ، كما تجربة الحركة الوطنية اللبنانية في السبعينيات نموذجاً.
إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وفي الوقت الذي تدعو فيه إلى تأصيل الفكر الوحدوي وقيم الديموقراطية في حياة الأمة، واعتبار أي تهديد يستهدف ساحة من ساحات الوطن العربي؛ إنما يطال الأمة برمتها، ترى أن تحرر الاقطار العربية من أزماتها واستعادة سلمها الأهلي والوطني، إنما يتطلب التصدي لكل أشكال التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي العربي، سواء كان هذا التدخل سياسياً أو عسكرياً ورفع كل أشكال الوصاية الإقليمية والدولية عن الأقطار التي تنوء تحت تثقيل هذه الوصايات التي حصلت خدمة لاجندة أهداف تخدم مصالح أصحابها أياً كانت الأثمان التي تدفعها جماهير أمتنا في هذه الأقطار.
وفي حماية مرتكزات الدولة الوطنية، فإن الحزب يعيد التأكيد على أهمية إطلاق عمليات سياسية واسعة التمثيل الوطني لإعادة البناء الوطني في الأقطار التي تتهددها الأزمات البنيوية وخاصة في سوريا والعراق ولبنان واليمن وليبيا والسودان، كذلك في الأقطار التي لم تتشكل فيها نظماً تحكمها الدساتير التي تؤكد على المساواة في المواطنة والفصل بين السلطات واعتماد الديموقراطية كناظم للحياة السياسية وتداول السلطة التي تضع حداً للتوريث والتأبيد السلطوي، وهو ما يؤمّن القاعدة الصلبة لإقامة الدولة الوطنية الديموقراطية التي تمارس وظيفتها الحمائية والرعائية كبديل للدولة الأمنية التي صادرت الحريات العامة ومارست القمع السياسي والترهيب المجتمعي.
إن الحزب وهو يشدّد على قضيتي الوحدة والديموقراطية في الاجتماع السياسي العربي، يرى أن حماية مرتكزات الدولة الوطنية الديموقراطية إنما تحتل في هذه المرحلة أولوية في حركة النضال العربي ببعديه الوحدوي والديموقراطي، نظراً لارتفاع منسوب المخاطر التي تهدد الأمة للنزول بواقعها الراهن إلى مستويات من التقسيم والتفتيت والتمزق لتقديم الولاءات التي تحركها المحفزات الطائفية والإثنية والجهوية على حساب الولاء الوطني في حدود الكيانات الوطنية القائمة كما على حساب الولاء القومي كطموح أعلى ترنو له الأمة في صراع الوجود الذي تخوضه في مواجهة أعدائها المتعددي المشارب.
وعليه فإن الحزب يرى أن تعميم ثقافة المواطنة، وتجذير قيم الديموقرطية في نطاق الدولة الوطنية، إنما تمليهما وظيفتهما الإيجابية التي لا تقتصر على تقوية مرتكزات الدولة الوطنية وحسب، وإنما الدفع باتجاه خلق بيئات متجانسة في مفاهيمها لإدارة الحياة السياسية في دول الاقطار العربية التي تعاني من اختلافات جوهرية في بناها وهياكلها السياسية، وهو ما أعاق ويعيق أي اتفاق على أرضية موقف مشترك لمواجهة تحديات الخارج وإدارة حياة الداخل.
وعلى هذا الأساس، فإن توحيد المفاهيم ذات الصلة بإدارة الشأن العام خاصة تلك المتعلقة بالمواطنة والديموقراطية واحترام التنوع الذي تستوعبه الصيغ الاتحادية المرنة، إنما يعطى اطمئناناً لمن يخشى فقدان “هويته الوطنية” في إطار الكل القومي، ويفسح المجال أمام جعل المساحة القومية مساحة متاحة للاستثمار الآمن فيها، وهو الذي يفضي بالضرورة إلى ربط الأقطار بشبكة من البنى التحية بدءاً بالمواصلات لتسهيل عملية انتقال الأشخاص والبضائع وتأمين السوق الاستهلاكي الذي تتهافت عليه كارتلات الشركات الكبرى في العالم وعلى حساب الأمن الحياتي والمعيشي للمواطن العربي. والقيادة القومية للحزب، وأمام تصاعد الخطر المصيري على القضية الفلسطينية، تعتبر أن الشرعية الوطنية الفلس-طينية إنما تجسدها منظمة التحرير الفلس-طينية، وعلى كافة الفصائل أن تنضوي فيها وتتموضع في إطار مؤسساتها. وهذه الوحدة الوطنية الفلسطينية ليست ضرورة لتأكيد وحدة المرجعية الوطنية الفلس-طينية وحسب؛ بل هي ضرورة للرد على كل من يسعى لإسقاط الهوية الوطنية عن شعب فلس-طين، وهي ضرورة لمحاكاة الوضعين الدولي والإقليمي، وتوظيف التحولات الإيجابية خاصة على مستوى الرأي العام الدولي لمصلحة قضية فلس-طين وتقديمها للعالم بأنها قضية حق تقرير مصير لا يسقط بالتقادم ولا تلغيه القوة التدميرية الغاشمة التي استعملها العدو الصهيوني ولما يزل بحق شعب فلسطين.
إن القيادة القومية للحزب، وفي الذكرى ال 78 لتأسيس الحزب، ترى أن الزلزال السياسي الذي شهدته ساحة سوريا وأدى إلى إسقاط نظام الردة الشباطية ووضع حداً للتغول الإيراني في ساحتها لا بد من أن ينعكس إيجابياً على الأقطار العربية الأخرى التي عانت وتعاني من هذا التغول، وأن استعادة سوريا لعروبتها ودورها القومي، سبيله إعادة بنائها بناءً وطنياً متفاعلاً مع عمقه القومي وبمشاركة كافة القوى الحريصة على عروبة سوريا ووحدتها، أرضاً وشعباً ومؤسسات في ظل نظام تحكمه قواعد الديموقراطية والفصل بين السلطات وتداولها وإقامة الدولة المدنية التي يتساوى فيها المواطنون تحت سقف القانون. وعليه، فإن توسيع قاعدة المشاركة السياسية وخاصة من القوى الوطنية التي ناضلت طويلاً ضد نظام الاستبداد والقمع السياسي والمجتمعي والتوريث والارتهان للخارج الدولي والإقليمي وقدمت تضحيات جسيمة على مدى العقود التي خلت، هو الذي يؤمن أرضية صلبة للبناء الوطني، وبما يمّكن سوريا من مواجهة التحديات الوطنية الكبرى، وأولها، تحدي الاحتلال الصuهيوني وتمدّده وتدخله في الشأن الداخلي وثانيها، تحدي محاولات النظام الإيراني الذي أخرج من البر السوري وحواضره ويسعى للعودة من “بوابة الساحل” عبر تحريك خلاياه النائمة لدفع البلاد إلى أتون حرب أهلية يكون فيها المواطنون ومقومات الوحدة الوطنية أولى الضحايا.
كما ترى القيادة القومية للحزب، إن إسقاط “الخطة الترامبية”، بتهجير سكان غزة من أرضهم، ووقف الحرب العبثية في السودان، وإعادة تموضع لبنان في الاصطفاف العربي، وتوظيف المعطى الإيجابي الناجم عن طرد الوجود الإيراني من سوريا بتكرار مشهديته في ساحتي العراق واليمن، وإطلاق عملية سياسية بغطاء عربي للمساعدة في إنتاج حل سياسي للأزمة الليبية، فشأن كل ذلك، أن يحد من تفاقم الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الساحات التي تواجه تحديات الاحتلال، وتلك المهددة بوحدتها الوطنية وأزماتها الاقتصادية والمالية الخانقة.
إن القيادة القومية للحزب، ومع إدراكها أن القوى التي تناصب الأمة العداء ليست قليلة العدد، وهي لا توفر فرصة إلا وتسعى لاقتناصها لضرب مخالبها في الواقع العربي، فهذا لا يمثّل إلا جانباً من المشهد، إذ في الجانب الآخر منه، ثمة قوى ودولاً تناصر العرب قضاياهم العادلة وخاصة قضية فلس-طين، حتى أن مواقف بعضها بدا أكثر تقدماً من مواقف العديد من السلطات العربية الحاكمة، ويسجل لدولة جنوب أفريقيا الدور الذي تضطلع به في قيادة حملة دولية لمقاضاة “إسرائيل” أمام القضاء الدولي من ناحية، ولتشكيل تحالف دولي لدعم قيام دولة فلسطينية من ناحية أخرى. وعليه فإن القيادة القومية توجه تحية إلى دولة جنوب أفريقيا إلى كل القوى والأحزاب والهيئات الدولية والجاليات العربية في الخارج التي تنتصر لشعب فلس-طين ولحقه في تقرير مصيره.
في ذكرى تأسيس حزب الثورة العربية، حزب الوحدة والحرية والاشتراكية، فإن البعث يدعو لوحدة وطنية فلسطينة وتوفير كل الدعم والإسناد المادي والسياسي لتعزيز مقومات الصمود الشعبي في داخل فل-سطين ولجماهيرها في عالم الشتات، كما يدعو لمقاومة مشروع تنفيذ “ترانسفير” جديد بحق جماهير شعبنا في غزة والضفة والقدس، ووقف الحرب العبثية في السودان، وإطلاق مشروع عربي لإعادة إعمار السودان وسوريا ولبنان وليبيا برأسمال وإشراف عربيين للحدّ من ابتزاز وارتهان الدول التي دُمِرٍت بناها التحيتة واقتصادياتها لهيمنة الشركات الأجنبية خاصة تلك التي تمسك بمفاصل القرار السياسي في أميركا.
في ذكرى تأسيس البعث، فإن مقاومة كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني وإقامة القواعد الأجنبية على الأرض العربية هو فرض عين كما رفض الوصايات الدولية والإقليمية على الأمة العربية وأياً كانت أشكالها ومواقعها.
فتحية لكافة الرفاق المناضلين على مساحة الوطن العربي الكبير، والأمل معقود عليهم أن يبقوا طليعيين في حمل راية النضال القومي والوطني لتحرير كل أرض عربية محتلة من فلس-طين إلى الأحواز وسوريا ولبنان واللواء السليب وسبتة ومليلة والجزر الثلاث، وانتصاراً لكل قضايا العروبة وخاصة قضيتي الوحدة والديموقراطية.
وتحية للقائد المؤسس الرفيق ميشيل عفلق وكل الرفاق الذين شاركوا في مؤتمر التأسيس والذين حملوا راية البعث إلى كل أقطار الوطن العربي الكبير.
تحية لشهداء البعث وعلى رأسهم شهيد الحج الأكبر الرفيق القائد صدام حسين، وشهداء فلس-طين وكل شهداء الأمة العربية الذين سقطوا وهم يقاومون الاحتلال ونظم الاستبداد والقمع والتأبيد السلطوي.
عاشت أهداف البعث في الوحدة والحرية والاشتراكية،
وعاشت أمتنا العربية، أمة الرسالة الواحدة ذات الرسالة الخالدة.
القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي
السابع من نيسان 2025؛