وحدة المعارضة في وحدة الهدف والآليات

 

بقلم: محمد عثمان أبوشوك

خرج علينا بعض مقاولي السياسة بحديث مبهم عن أهمية وحدة قوى المعارضة كسبيل لا بديل له للوقوف ضد النظام الاسلاموي الدكتاتوري، بل وعززوا حديثهم بما أسموه خارطة طريق.
بداية لا اعتقد أن وحدة قوى المعارضة هي الشرط المفقود للتخلص من هذا النظام، وأؤمن بأن اقتلاع هذا النظام مرتبط بالدرجة الأولى بوحدة جماهير الشعب حول هدف اسقاط النظام وتعبيرها عن هذه الوحدة بشكل عملي بالاضراب السياسي والعصيان المدني وصولاً للانتفاضة الشعبية الشاملة.
وحدة جماهير الشعب حول هدف اسقاط النظام تقتضي بالضرورة وجود أشكال متعددة من التنظيمات القاعدية على مستوى الأحياء السكنية (لجان الانتفاضة)، والتنظيمات القطاعية في محلات العمل كنقابات بديلة لنقابات النظام وتنظيمات محلية حول قضايا محددة (مقاومة السدود، مقاومة التعدين العشوائي وغيرها) اضافة الى منظمات المجتمع المدنى. دور القوى السياسية وواجبها الرئيس هو قيادة الجماهير تنظيمياً من خلال هذه الأشكال القاعدية والقطاعية لبث الوعي بين الجماهير وقيادة نضالها المطلبي والسياسي وصولاً للوحدة الجماهيرية المطلوبة حول شعار اسقاط النظام وبناء نظام وطني تقدمي ديموقراطي يصفي النظام الاسلاموي، تصفية كاملة ويعد البلاد لانتخابات ديموقراطية بعد فترة انتقالية مناسبة يتم خلالها عقد مؤتمر دستوري واعداد دستور يطرح على الجماهير في استفتاء ليتم اقراره بشكل نهائي.
ولتحقيق هذا الهدف، لا يحتاج الأمر للحديث المعمم و الانشائي حول وحدة أحزاب المعارضة، وانما يحتاج الى عدم خداع الجماهير وتغبيش وعيها بشعارات وأنشطة ضبابية تفتت وحدة الجماهير وتشظي وحدتها الى خنادق متقابلة ومتفرقة.
ولتأكيد هذا المنهج، أذكر من نسى أو تناسى، أن أحزاب المعارضة بكل أقسامها كانت قد التقت في دار الأمة يوم 17 يناير 2018 واتفقت على (اعلان خلاص الوطن) الذي جاء في خاتمته ما يلي
(أولاً: إزالة هذا النظام الذي فرض على البلاد احتلالا ًداخليًا وإقامة نظام جديد يقيم دولة الوطن ويزيل دولة التمكين.
ثانياً: كفالة حقوق الإنسان وبسط الحريات العامة وتكوين حكومة قومية انتقالية تدير البلاد إلى حين إجراء انتخابات عامة حرة.
ثالثاً: إبرام اتفاقية سلام عادل شامل يزيل كافة أسباب النزاع ويضع أسساً للإدارة العادلة للتـنوع، تقوم بتأمين عودة النازحين واللاجئين إلى مواطنهم وتنفيذ التعويضات الفردية والجماعية. والالتزام بالمساءلة العادلة عن جنايات الماضي.
رابعاً: تطبيق سياسات بديلة متفق عليها في كافة المجالات خاصة المجال الاقتصادي التزامًاً بتنمية عادلة اجتماعياً وجهويًاً.
خامساً: سياسات النظام وعثرات المعيشة والقهر أدت إلى إحباط عام حبب للشباب
الهجرة خارج الوطن ولآخرين الهجرة من الوعي بإدمان المخدرات. سلبيات زادتها العطالة والقدوة السيئة سوءًا. والنتيجة إحباط نفسي ويأس اجتماعي وتفكك أسري. هذه الحالة توجب الالتزام ببرنامج إصلاح اجتماعي شامل.
سادساً: الإلتزام بعقد مؤتمر قومي دستوري لكتابة دستور البلاد وتحديد الوسيلة الديمقراطية لإجازته.
سابعاً: اتباع سياسة توازن بين الانتماء الوطني، والعربي، والأفريقي، والإسلامي، والدولي والتخلي التام عن سياسة المحاور والحرص على الصداقة والتعاون دون محورية.
دعمًا لهذا النداء فقد قررنا إعلان الالتزام به وتسيير المواكب وحشد الاعتصامات المطالبة بأهدافه بصورة مدنية سلمية داخليًا وخارجيًا.
هذا العمل التعبوي الذي يرجى أن يحظى كذلك بدعم كل القوى الخيرة التي تؤمن بالسلام والديمقراطية سوف يؤدي حتمًا إلى انتصار الشعب كما حدث في ظروف مماثلة ومجربة باستخدام: الإضراب العام والحشد الشعبي لانتفاضة التحرير السوداني الثالثة.
17/01/2018م)
وبعدها بأيام خرج المطبلون اليوم لوحدة أحزاب المعارضة عن هذا الاجماع والوحدة وتنادوا الى برلين وباريس معلنين سعيهم لخارطة امبيكى التي تدعوهم للحوار مع النظام الاسلاموي، ووصل بهم الأمر مؤخرا الى اتخاذ قرار بخوض انتخابات 2020 ، مبررين ذلك باستخدام هذه الانتخابات كوسيلة لاسقاط النظام.
لقد كان الأجدر بالنائحين على وحدة المعارضة، أن يتذكروا أنهم كانوا أول من فتت هذه الوحدة، وإنهم هم لا غيرهم من يفتتون الآن الوحدة الجماهيرية حول شعار اسقاط النظام، باطلاقهم دعوات زائفة لا تخدم سوى النظام وتغبش وعي الجماهير وتقود الى انفراط عقد وحدتها.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.