في ذكرى ثورة اكتوبر المجيدة 1

في ذكرى ثورة اكتوبر المجيدة ١

🖋 الرشيد حسب الرسول

لقد تفجرت ثورة اكتوبر 1964 من داخل القطاع الطلابي وذلك لأنه القطاع الوحيد الذي ظل محتفظا بحيوته في تلك الفترة لما كان يتمتع به من طاقات نضالية عظيمة وشجاعة متفردة،
ولقد ساعد تفاقم مشكلة جنوب السودان في الأشهر الاخيرة من العام 1964 في توحيد الحركة الطلابية وتصاعد نضالها ضد الطغمة الحاكمة.

وما انا بصدد الحديث عنه هو جزء من الدور الكبير الذي قام به البعثيين في التعبئة وقيادة الثورة،
ومن المعروف أن حزب البعث (الذي بدأت أرهاصات مخاضه في قطر السودان منذ منتصف الخمسينات، حيث تشكلت اول خلايا له في العام 1960، الى لحظة ميلاده بشكل علني في العام 1976)

كان البعث في تلك الفترة يعمل وسط تيار كبير سمي “بالاشتراكيين العرب” ولقد كان لهذا التيار إسهامات كبيرة في مسيرة النضال الوطني، فقد لعب الجيل المؤسس الاول للحزب في السودان أدوار مفصلية في قيام ثورة اكتوبر من بينهم
( الاستاذ المرحوم بدر الدين مدثر،الشهيد محمد سليمان الخليفة، المرحوم الاستاذ شوقي ملاسي، المرحوم عبدالله محمد عبدالرحمن “الانفزبول”، الاستاذ سعيد مرغني حمور، مولانا المرحوم مقبول حاج حمد….الخ).
ولقد تعمد الكثيرون ممن وثقوا للثورة عدم الحديث عنهم ومن تحدث مجبرا تحدث على أستحياء.
ولأن البعث واحد من الاحزاب العقائدية التي لا تسترسل في الحديث عن أسرارها للعلن وضمن هذه الاسرار تدفن كثير من التضحيات والنضالات التي قدمها بعض ممن مروا على مسيرة الحزب وكثيرا ما تكون هذه النضالات محطات مهمة في مسيرة التطور الوطني في بلادنا.

وكما ذكرت سابقا أن تفاقم مشكلة جنوب السودان هي من وحدت الحركة الطلابية وحول هذا العنوان نظم إتحاد طلاب جامعة الخرطوم سلسلة من الندوات والتي ضاقت بها السلطة ذرعا حيث أصدرت قرارا في يوم 10 اكتوبر 1964 بوقف هذه الندوات نهائيا،
ولقد عبر الطلاب عن رفضهم لهذا القرار بمذكرة رفعوها عبر إتحادهم للحكومة طالبت بتنحي السلطة العسكرية، وكان رد السلطة على تلك المذكره هو إعتقال أعضاء الاتحاد وزجت ببعضهم في السجون.
ولكن في ظل تصاعد الحراك الطلابي دعا الطالب :
عبد الله محمد عبد الرحمن النور (الانفزبول) رئيس جمعية الثقافة العربية لمحاضرة حملت عنوان ذات الندوات التي تم تأجيلها وإستمرت النقاشات في هذه المحاضرة التي قدمها باللغة الانجليزية لساعات طويلة، حيث أثارت جدل ونقاش واسع وسط طلاب ابناء جنوب السودان حول ممارسة الرق، وخرجت في اليوم التالي جريدة الرائد الناطقة بأسم الجبهة العربية الاشتراكية تحمل مقال باللغة الانجليزية تحت عنوان (Our shameful hercatge we do not deny it is slavery but we do not condone it) ترجمته الرق ميراثنا الشائن ننكره ولكننا لا نقره.
وفي 21 اكتوبر تحدى طلاب جامعة الخرطوم السلطة وعقدوا ندوتهم الشهيرة لمواصلة النقاش حول مشكلة الجنوب تحدث في الندوة الرفيق المرحوم عبد الله محمد عبد الرحمن بأسم جمعية الثقافة العربية، وممن اعدوا ايضا للندوة ومن الطلاب الذين كانو من المفترض أن يتحدثوا في تلك الندوة السكرتير التنفيذي للاتحاد المرحوم “مولانا مقبول حاج حمد”،
ولكن تدخلت قوات الأمن مستخدمة للذخيرة الحية لفض الندوة بالقوة فسقط جراء تلك الاحداث اثنين من الطلاب هما “احمد القرشي” الذي سيصبح تشييعه لاحقا وقودا للثورة والطالب “بابكر عبد الحفيظ” وجرح عدد كبير من الطلاب.

ونواصل…