في ذكرى انتفاضة مارس- أبريل…

في ذكرى انتفاضة مارس- أبريل…

معانقة الحاضر للتاريخ

تحتفي جماهير شعبنا بالذكرى 36 لانتفاضة مارس-أبريل المجيدة، ومن خلالها نزجي التحية لشهدائها الأبرار وفي مقدمتهم الشهيد الرفيق محمد الحسن أحمد فضل الله عضو حزب البعث العربي الاشتراكي، والذي اغتالته رصاصة جبانة لجهاز أمن النظام المايوي وهو يمارس دوره النضالي مع رفاقه في تعبئة الجماهير وقيادة التظاهرات.
لقد كانت انتفاضة مارس-أبريل استجابة موضوعية لأهداف جماهير شعبنا في إسقاط النظام الديكتاتوري وحلفائه من الإخوان المسلمين، الذي دمر اقتصاد البلاد بالارتهان لسياسات صندوق النقد والبنك الدوليين، وصادر الحريات، ومارس الخيانة الوطنية لصالح الكيان الصهيوني بترحيل الفلاشا، وسن قوانين سبتمبر 83 القمعية التي نُفذت من خلال أسوأ محاكم في تاريخ النظام القضائي السوداني (محاكم الطوارئ) التي شوهت الشريعة وهدفت لتكفير الخصوم السياسيين.
إن مأثرة انتفاضة مارس-أبريل تكمن في تقاليدها الثورية الراسخة في الاعتماد على قدرات الجماهير وأدواتها السلمية المجربة في الإضراب والتظاهر والعصيان، كطريق لإسقاط النظام الديكتاتوري العسكري القمعي، وهي ذات الأدوات التي خبرها شعبنا في انتفاضة أكتوبر 64، وأعاد ذات المأثرة في ديسمبر 2018، قاطعا بذلك طريق خيارات أغلب القوى المعارضة التي راهن منها على الخيار العسكري أو خيار التسوية السياسية.
لقد طرحت انتفاضة مارس – أبريل شعار تصفية آثار مايو ومرتكزاتها السياسية، والاقتصادية، والقانونية، كمدخل طبيعي لتحقيق أهداف الانتفاضة، واستدامة الديمقراطية، ما أدى النكوص عنه إلى الردة على الديمقراطية، والانقلاب عليها في 89 بواسطة الجبهة الإسلامية.
إن التحديات التى تواجهها ثورة ديسمبر المجيدة، والتي طرحت شعار إزالة التمكين الإنقاذي كمدخل لتحقيق شعارات الثورة، لكأنها تعيد التاريخ إلى معانقة الحاضر بذات الينابيع الثورية في مارس-أبريل 85، ويتأكد ذلك من تصميم إرادة جماهير ثورة ديسمبر في تمسكها بلجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال ومكافحة الفساد كخندق متقدم من خنادق الثورة، ومدخل مهم لتنفيذ أهدافها، والتى تتعرض لاستهداف قوي الردة والفلول لتعطيل مسيرة إنجازاتها وفرملة عملها.
إن التحديات الراهنة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، التي تواجهها ثورة ديسمبر المجيدة، تتطلب وحدة القوى الثورية، وتراص صفوفها على قاعدة أهداف الثورة في الحرية والسلام والعدالة، وتعزيز فرص التوحد الوطني حول برنامج حماية الثورة، والحفاظ على السلطة الانتقالية وتقويمها، وتقوية مؤسساتها، وتصفية ركائز نظام الإنقاذ وتفكيكه سياسيا واقتصاديا، وفي جهاز الدولة، كمدخل لا غنى عنه لاستدامة الديمقراطية وتحقيق السلام، وإعادة هيكلة القضاء والنيابة لتحقيق العدالة، واستكمال هياكل السلطة الانتقالية بتشكيل المجلس التشريعي والمفوضيات الدستورية، واستكمال ملف السلام، وطي صفحة الحرب إلى غير رجعة، ومراجعة السياسات الاقتصادية المرتهنة لسياسات مؤسسات التمويل الدولية، واعتماد سياسات مستندة لتوصيات المؤتمر الاقتصادى تعزز من قدرات وطننا الاقتصادية والتنموية واستقلال قراره الاقتصادي.
إن الاحتفاء الحقيقي بانتفاضة مارس-أبريل يستوجب على جميع قوى الثورة الاعتبار بالتاريخ بأن توجه الجهود إلى فهم حقيقة الصراع الحالي والمواجهة مع قوى الرأسمالية الطفيلية من بقايا النظام الإنقاذي وأذرعها السياسية والاجتماعية والأمنية والإعلامية، لقطع الطريق أمام قوى الردة وعودتها للحكم تحت أي لافتة.

#تحية لشهداء انتفاضة مارس-أبريل، وثورة ديسمبر المجيدة الذين رووا بدمائهم تربة النضال الوطني من أجل الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة والسلام.