رئيس حزب طليعة لبنان الرفيق حسن بيان للشراع :البشير حاول عسكرة انتفاضة السودان ضده

رئيس حزب طليعة لبنان الرفيق حسن بيان للشراع :البشير حاول عسكرة انتفاضة السودان ضده

الشراع
08-02-2019

*البعثيون والناصريون والشيوعيون شاركوا المهنيين انتفاضة الشارع وقيادته
*المرأة تؤدي دوراً رئيساً في الثورة والنظام اعتقل 157 فتاة وامرأة
*حاول البشير سحب الانتفاضة الى العسكرة وفشل
*جولة البشير الأخيرة للتسول..

كان بارزاً في انتفاضة السودان الأخيرة ضد سلطة عمر البشير الحاكم منذ 30 سنة، مشاركة القوى القومية من ناصرية وبعثية من أنصار الرئيس الراحل صدام حسين فيها، فضلاً عن الشيوعيين والمهنيين كافة فيها.

((الشراع)) التقت رئيس حزب لبنان العربي الاشتراكي المحامي حسن بيان وهو عضو القيادة القومية لحزب البعث ((فرع العراق)) بعد أن أظهرت وقائع الانتفاضة سقوط عدد من قيادات البعث بين قتيل وجريح فضلاً عن اعتقال أمين السر البعثي القطري في السودان..

#وأنتم تواكبون الحدث السوداني في ظل واقع الانتفاضة الشعبية، ما الذي فجر هذه الانتفاضة ضد سلطة البشير؟

– إن المرء لا يجد كثير عناء ليقف على الأسباب التي فجرت الانتفاضة الشعبية في السودان. وهي تراكمت على مدى السنين السابقة من جراء سياسة النظام على الصعيدين الداخلي والخارجي، ورفضه إجراء إصلاحات جدية توفر شبكة أمانٍ اجتماعية واقتصادية ومعيشية، فضلاً عن مسؤوليته في انسلاخ جنوب السودان عن شماله.
#متى بدأت سُحب الانتفاضة تتجمع؟

– تفاعلات هذه الانتفاضة بدأت منذ أكثر من عام أي منذ نهاية 2017، ومع بداية الحديث عن رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية والتي لم تكن من دون ثمن، وأولها الاستجابة لإعادة هيكلة الاقتصاد السوداني بما يتلاءم وشروط صندوق الدولي، والبنك الدولي للاستثمار والتي تفرض تحرير السوق ورفع الدعم عن السلع الأساسية وخصخصة القطاع العام بما يستجيب مع متطلبات العولمة المتوحشة والتي تتحكم الشركات الأميركية بسياقاتها. وقد أدى ذلك، إلى تدهور في سعر العملة الوطنية حيث انخفض سعر الجنيه إلى أربعة أضعاف. ففيما كان سعر الدولار منذ نهاية 2017/ 18 جنيهاً، أصبح اليوم يقارب الستين، وهذا يعني أن القدرة الشرائية للمواطن انخفضت حوالى أربع مرات. ومقابل ذلك لم تقدم الحكومة على التدخل السريع لحماية القوة الشرائية، بل أقدمت على رفع سعر الخبز والوقود والدواء، وواجهت المصارف عجزاً في تلبية الطلب في توفير العملة الصعبة، من ناحية، وعدم دفع الأجور للعاملين في القطاع العام إلا تقسيطاً. إضافة إلى ذلك، فإن سعر الدواء ارتفع بسبب انخفاض قيمة العملة الوطنية، ونضوب مخزونه.

هذه الحالة جعلت الناس تقف طوابير طويلة أمام الأفران ومحطات الوقود والصيدليات وهذه كانت بحد ذاتها سبباً مباشراً لاندلاع الانتفاضة، يضاف إليها، فساد النظام بكل أركانه وحاشيته.
#من أين انطلقت الانتفاضة جغرافياً ومهنياً؟

– انطلقت التظاهرات بداية من مدينتي القضارف وعطبرة وغالبية سكانهما يعملون في قطاع سكك الحديد، ولهما مواقف مشهودة ضد الاستعمار والاستبداد. وان ما يمكن اعتباره الشرارة التي أشعلت الانتفاضة هي قمع السلطة للحراك الذي انطلق في هاتين المدينتين واسفر عن استشهاد 19 متظاهراً. في حالة شبيهة بحالة محمد البو عزيزي في تونس يوم أحرق نفسه وفجرت الشارع آنذاك.
# ما هي شعارات الانتفاضة ومن الذي رتب أولوياتها؟ وكيف تحولت من معيشية الى سياسية؟

– الانتفاضة انطلقت تحت شعارات مطلبية، وتناولت القضايا المعيشية الأساسية، الرغيف والوقود والدواء وعدم دفع رواتب العاملين في القطاع العام وخصوصاً المعلمين. لكن سرعان ما تحولت شعاراتها إلى شعارات سياسية، بعدما تجاوزت حالتها العفوية إلى حالة منظمة شاركت في عملية تأطيرها السياسي تجمعات مهنية معارضة للتشكيلات المهنية السلطوية ومنها لجان المعلمين ولجان الأطباء والتي سبق أن نظمت إضراباً طويلاً قبل أربعة أعوام، ونقابة الأطباء وهي نقابة موازية للنقابة السلطوية ونقيبها الرفيق الدكتور أحمد الشيخ وهو معتقل.

والتقاط قوى الإجماع الوطني لحالة الاستياء والتذمر الشعبي، وتطوير خطاب الانتفاضة من مطلبي إلى سياسي عبر رفع شعار رحيل النظام كمدخل لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية أو أحداث إصلاح جدي في بنية النظام المنخور بالفساد، طور الحراك الى بعده السياسي ولهذا يمكن القول أن الانتفاضة التي رفعت شعارات مطلبية في بداية الحراك أعادت ترتيب الأولويات لتطرح شعار إسقاط النظام. وان القوى السياسية، وخصوصاً قوى الإجماع الوطني التي دخلت على الحراك بقوة هي من رتبت الأولويات عبر ضبط الإيقاع السياسي للحراك الشعبي.
# من هي القوى المشاركة في الانتفاضة؟

– الانتفاضة الشعبية بعد أربعين يوماً على انطلاقتها أخذت بعداً شعبياً ووطنياً شاملين. والقوى المشاركة فيها والتي تحرك الشارع، هي ما جرت الإشارة إليه، أي تجمع المهنيين والذي يضم لجان المعلمين والأطباء والمهندسين والطلاب، والقطاعات النسوية حيث تشارك المرأة بفعالية وقد بلغ عدد المعتقلات منهن 157 معتقلة. إضافة إلى قوى الإجماع الوطني التي تضم البعثيين والشيوعيين والناصريين وشخصيات وطنية.

علماً أن تجمع المهنيين يضم في صفوفه كل الطيف السياسي المعارض للنظام من مواقع مختلفة ومنهم الاتحاديون وحزب الأمة و((نداء السودان)) الذي كان يطالب بحوار مشروط مع النظام، لكن سرعان ما تراجع عن موقفه بعدما انضمت الروابط الجهوية في دارفور وكردفان والنيل الأزرق إلى الانتفاضة وهي المناطق المكتوية بنار الحرب.
#من هي قوى نداء السودان ومن تضم في صفوفها؟

حركة تضم حزب الأمة وهو منقسم على نفسه، حزب المؤتمر السوداني، الجبهة الثورية التي تضم الحركات المسلحة في دارفور والحركة الشعبية / قطاع الشمال، قوات التحالف السوداني، وما يسمى بكونفدرالية المجتمع المدني – حزب الترابي ((المؤتمر الشعبي)) مشارك في حكومة البشير لكن عناصر أساسية منه دعت للخروج من الحكومة والانضمام للشارع / هذه القوى تمسك العصا من النصف وتعيش حالة صراع داخلي بين الموالاة والمعارضة لكن بعضاً من أجنحتها تشارك في الحراك.

#ما الذي يجعل هذه الانتفاضة مختلفة عن سابقاتها التي أخمدها البشير؟

– إن هذه الانتفاضة تتميز عن سابقاتها، بعدة سمات.

أولاً: إنها اتخذت بعداً وطنياً شاملاً، بحيث باتت تشمل كافة المدن والمناطق السودانية.

ثانياً: ان حجم المشاركة الشعبية فاق حدود التوقع وشملت كافة القطاعات والشرائح الشعبية المعدومة وذوي الدخل المحدود والتجمعات المهنية وقاطني العشوائيات في المدن وخصوصاً العاصمة.

ثالثاً: حولت الانتفاضة شعاراتها من مطلبية إلى سياسية، أي من مطالبة بتأمين الرغيف والدواء والأجور والوقود إلى مطالبة بعناوين وطنية على رأسها إسقاط النظام.

رابعاً: أخذت الانتفاضة هذا البعد الشعبي والوطني الشامل، وحافظت على سلميتها ورفضت الانجرار إلى العسكرة وهو ما سعى النظام إليه لجر الحراك إلى ملعبه الأمني وهو الذي يتقنه جيداً.

وهذا ما فوت على النظام فرصة فرض العسكرة ومكّن قوى الحراك من أن تمسك بناصية قرارها الوطني وتحصن حراكها من الاختراق المعادي لأهداف الانتفاضة.

خامساً: تتميز الانتفاضة بكثافة المشاركة النسوية وغلبة العنصر الشبابي والذي مدها بحيوية لم تكن متوفرة لسابقاتها.

سادساً: تحولت شعارات الانتفاضة المطلبية والسياسية إلى شعارات شعبية وأهازيج ترددها الناس في مناسباتها، حتى الأعراس تزف على وقع هذه الشعارات. وهذا ما ضيق من هامش التأثير السلطوي على القاعدة الشعبية العريضة. وبذلك يصح القول بأن الانتفاضة متميزة نظراً لضبط إيقاعها الميداني وتحديد أهدافها وأولها مكافحة الفساد وتوفر مقومات الأمن الحياتي.

سابعاً: تتميز هذه الانتفاضة بشدة القمع السلطوي حيث بلغ عدد القتلى الشهداء حتى تاريخه 52 والجرحى تجاوزوا (500) بينهم (44) أصابة حرجة والمفقودين أكثر من (60) والمعتقلين فاقوا (2000) ((أورد الاستاذ بيان عبارة شهداء كخطأ شائع بدل كلمة قتلى ونكرر دائماً ان الشهيد هو الشاهد.. ان الله على كل شيء شهيد)).

وهذا ما شكّل عاملاً محفزاً للحراك الشعبي للرد على القمع السلطوي بمزيد من الإصرار على تنفيذ أجندة أهدافه .
#كل الانتفاضات العربية اتهمت بعد انفجارها تلقائياً بأن أنظمة عربية أو إقليمية سرقتها أو بيعت لها، ما هو وضع انتفاضة السودان في ظل هذه الحالة؟

– ان الانتفاضات العربية لم تكن كلها على نسق واحد وان كانت الأسباب التي كانت وراء اندلاعها هي ذاتها تقريباً، كالوضع المعيشي والاقتصادي والاجتماعي السيىء والفساد في المنظومات الحاكمة، وقمع النظم الحاكمة للحريات العامة وتعطيل آليات العمل الديموقراطي، إلا أن ما يميز انتفاضة السودان، إن قرار إدارتها السياسية والشعبية هو قرار وطني سوداني، وأن تمسك الحراك بسلميته، جعل هامش التدخل الخارجي إقليمياً كان أو دولياً محدود التأثير ، لأن الانتفاضة السلمية تعتمد على القوى الجماهيرية فيما العسكرة لو فرضت فإن الحراك سيصبح أسير التذخير والتمويل وسَتفتح المسالك حكماً نحو تدخل خارجي بحجة الدعم والإسناد. وعندها سيحرف هذا الحراك عن أهدافه الأساسية وسيصبح أسير الجهات الممولة والتي تعطي الأولوية لمصالحها على حساب مصالح الشعب ولهذا فإن ما يجعل انتفاضة السودان تبقى في إطارها الوطني، هو أن الحياة السياسية في السودان مهيكلة، وإن القوى المنظمة سياسية أو مهنية قادرة على ضبط الخطاب والشارع، وبالتالي تحديد أجندة أهدافها بما يخدم الحراك أولاً وأخيراً. وإذا كانت بعض أنماط الحراك العربي قد اخترقت، وحرف عن أهدافه إلا أن بعضاً آخر، استطاع أن يوظف نتائج الحراك في سياق تحولات سياسية إيجابية، وما حصل في تونس نموذجاً، وذلك بسبب أن الحياة السياسية كانت مهيكلة، وانتفاضة السودان تشبه إلى حد كبير انتفاضة تونس.
#ما الذي يفعله البشير في جولاته العربية، أثناء الانتفاضة؟

-يسعى البشير في جولاته العربية، الى تعويم نظامه سياسياً ومالياً ،وهو يتسول المساعدة كي يوفر لنظامه الذي ينخره الفساد جرعات أنعاش، مستوضحاً تارة من نظم قمعت الحراك كيفية التعامل مع هكذا حراك، مع الايحاء أن نظامه ما يزال قوياً وهو يقوم بحركة انفتاح عل الخارج. لكن هذا لن يفيده، لأن حجم الاعتراض السياسي والشعبي على نظامه لم تعد معالجته ممكنة لا بالمسكنات ولا بشحنات دعم خارجية.
#هل تعتقدون أن البشير بإطلاق سراح معتقلين قدم تنازلات للداخل بنصائح من الخارج؟

-البشير، ما يزال يكابر، وهو يسعى لتصوير الحراك وكأنه عمل إرعابي وموحى به من الخارج لأجل تشويه صورته. وإذا كنا لا نملك معلومات عما نصح به، لكن الذين زارهم، بعضهم نصحه بقمع الحراك، وبعض آخر، ربما نصحه بتقديم تنازلات شكلية، ريثما يتم احتواء العاصفة الشعبية والمراهنة على تعب الناس. لكن يبدو أن الوضع في السودان لا يسير في هذا الاتجاه، لأن الانتفاضة فرضت نفسها رقماً صعباً في الحياة السياسية السودانية ولم يعد بالإمكان تجاوز دورها بإحداث اختراق جدي في بنية النظام وإن مستقبل الانتفاضة مرتبط بخطوات الانتقال إلى إعلان الاضراب السياسي الشامل والعصيان المدني وعدم التنازل عن شعارات إسقاط النظام.
#من هي القوى الداعمة للبشير داخلياً؟

– ان القوى الداعمة له هي القوى الاسلاموية التي تنشط في ظل نظام يعتمد على الاقتصاد الريعي في وقت يمكن للسودان أن يكون واحداً من أهم البلدان العربية في التصنيع الغذائي، لتوفر موارده الأولية. وهذه القوى تنشط بشكل أساسي في سوق العملات الذي تديره شبكة من الرأسمالية الطفيلية وكبار قادة الجيش والشرطة الذين يديرون منظومة متكاملة من الخدمات والاستثمارات فضلاً عن ميليشيات المؤتمر الوطني ((الأمن الشعبي وكتائب الظل السرية التي تحدث عنها نائبه السابق علي عثمان)).