رؤية البعث ليست أسيرة الازمات: الدين والهوية نموذج

رؤية البعث ليست أسيرة الازمات

الدين والهوية نموذجاً

بقلم: د. أحمد بابكر

البعث في تعامله مع أي قضية أو مفهوم لا تحركه ردات الفعل أو التفكير الرغبوي، إنما يتعامل مع الأمر وفق منهجية علمية وموضوعية، وبعقل بارد يتجاوز الظلال، وأحيانا الغبار الذي يمكن أن يثار حول القضية المعينة ومن ضمن هذه القضايا قضية الدين والهوية، فنحن نطلع على رؤى كثيرة شكلت ردة فعل لما صنعه نظام الجبهة من أخطاء وكوارث تحت عناوين كثيرة من ضمنها الدين، وأيضا استخدام التنوع والقبلية في خلق صراعات داخلية تتيح له الإستمرارية ، فالبعث لم ينحو منحىً يقف بالضد من الدين، أو يقلل من تأثيره داخل المجتمع أو يجعله كأحد إشكالاتنا، إنما تعامل مع الأمر وفق رؤية مبدئية، أن الإسلام تحديداً له عمق وتأثير كبير جدا في تركيبة الشخصية السودانية، وهو أحد مكونات تلك الشخصية، وهذا أمر يجب التعامل معه وليس العمل على نفيه أو اقصائه، لأنه ليس من حق كائن من كان أن يحدد للناس اعتقاداتهم أو حتى العناصر المكونة والمؤثرة في شخصيتها، هذه مسائل ليست من مهام الأحزاب والقوى السياسية، والتعامل في هذا الأمر برفضه استخدام الدين كآيديولوجية سياسية، ولذلك كان الأمر واضحاً للبعث في تمييزه بين الدين والقوى السياسية المغطاة بغطاء ديني
لذلك نجد أن كثير من الأطروحات وقعت في فخ أن نظام الإنقاذ هو المعيار للدين ومعيار للهوية، وأبعد من ذلك أن هذا المجتمع وبسماته القبلية والعشائرية يشكل حالة الثبات وبالتالي انتاج قوانين ومفاهيم أزلية، لذلك انتشرت الدعوات لليبرالية كنقيض ورد فعل للديكتاتورية وتدخلات السلطة حتى في الشأن الخاص، لتكون الرؤية لليبرالية نفسها منفعلة وقاصرة وسطحية ووقفت عند الحريات الخاصة، مع أن الليبرالية مفهوم شامل يدخل حتى في الاقتصاد ، وكانت النظرة للدين سلبية في بعض الأطروحات كرد فعل للمظالم التي أحدثها نظام الإسلامويين بإسم الحفاظ والدفاع عن الدين، وكانت مظالم عظيمة جداً خاصة تداعيات الحرب ، وكرد فعل على إحداثه للصراعات على أساس قبلي وإثني، واستخدامه لمعايير عنصرية في لعبه فرق تسد، تم طرح قضايا السودانوية والزنوجة . . إلخ، في مقابل للعروبة، وبالتالي تم استحضار قضية الهوية بإعتبارها هي أس الأزمة الوطنية.
فالهوية ليست قضية سياسية ولا يصنعها الساسة بل هي سيرورة وتراكم تاريخي وإجتماعي وبالتالي لا تشكل الهوية في حد ذاتها أزمة، الأزمة تتجلى في المواطنة والعنصرية…. إلخ
البعث كان مدرك لهذه القضايا ولم يتعامل معها وفق ثقافة وعقل الأزمة، وإنما بحث عميقا في الأسباب الحقيقية لكل أزماتنا.
وهذا ما ميز منهج البعثيين ومنحهم القدرة على النظر بشكل دقيق في مجمل القضايا، وأعطاهم امكانية الثبات على المواقف والصمود. ولذلك كان البعث هو الأكثر جذرية في رؤيته للتغيير، فلم يتأثر بتكتيكات السلطة ولا المجتمع الدولي، فنظرته كانت دوما ثاقبة ويقظة تخترق ما يثار من غبار وخلط للأوراق بهدف الارباك وتسييل المواقف
نظام الإنقاذ يظل حالة طارئة واستثنائية لا يمكن من خلالها تشكيل رؤية ومفاهيم جامعة

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.