ثم ماذا بعد الطوارئ؟

كلمة الهدف

ثم ماذا بعد الطوارئ؟

▪إعلان الطوارئ يضع الحراك الشعبي على أعتاب الإضراب السياسي والعصيان المدني

انقضى أسبوع منذ أن أعلن رئيس النظام، يوم الجمعة الماضي، أحكام حالة الطواريء بالبلاد، وأتبعها بتكوين حكومة عسكرية، في محاولة أخيرة لاحتواء الثورة الشعبية المتصاعدة في مواجهته منذ ثلاثة أشهر تقريبا، وفق منهجه الأمني الذي اعتمده طوال هذه الفترة، بديلا لأي خيار سياسي واقتصادي، يخاطب جذور المشكلات التي تدفع المواطنين للاحتجاج اليومي بالشوارع.
وعلى الرغم من ادعاء قيادات النظام بأن الطوارئ غير موجهة للمحتجين، فقد تضمنت الأوامر التنفيذية للطواريء بنودا تجرم حرية التعبير وحرية التجمع السلمي، في تناقض صارخ مع القانون والدستور، ومع مواثيق حقوق الإنسان التي يشكل السودان طرفا فيها، مثلما تجرم الإضراب والتظاهر والتوقف عن العمل والاعتصام وغيرها من مظاهر الاحتجاج.
واتسع التجريم ليشمل النشر في الانترنت وفي مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يشكل جزءاً حيوياً من أنشطة التعبئة والتنسيق والتنظيم الخاصة بالحراك الشعبي.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد بدأت محاكم الطوارئ، التي تم تشكيلها، بناء على أمر الطوارئ، بمحاكمة المحتجين، الذين لا ذنب لهم سوى ممارستهم حقا كفله لهم الدستور، ومواثيق حقوق الإنسان، بالتعبير والاحتجاج السلمي.
إن مضي أسبوع على إعلان الطوارئ يثير التساؤل بشان ما حققته من أهداف معلنة وغير معلنة، وتقييمها، وتحديد خيارات النظام على ضوئها، وخيارات الحركة الجماهيرية، التي تنهض تحت شعار اسقاط النظام.
لم يكن الرئيس قد بدأ تلاوة خطابه، مساء الجمعة الماضية، عندما بدأت الجماهير تتحفز للخروج إلى الشوارع، وفقا لما راج من معلومات مصدرها رئيس جهاز الأمن عن اشتمال الخطاب، بجانب مسائل أخرى، على إعلان حالة الطواريء، وما أن أنهى الرئيس خطابه، الذي تأخر أكثر من ساعة من الزمان، حتى اندفعت الجماهير في العاصمة، خصوصا، للشوارع في تظاهرات حاشدة، تحديا لإعلان الطوارئ، استمرت في أحياء العاصمة، لوقت متأخر من الليل، استجابة للدعوات التي صدرت من قوى الثورة، وتواصلت اليوم التالي، بشكل أكبر وأوسع نطاقا. وكان موكب التحدي، أمس الخميس، تتويجا لكل المواكب التي انتظمت العديد من مدن البلاد، منذ إعلان الطواريء، ذروة ذلك التحدي وسنامه، اذ أن موكب الخميس، الذي كان الأكبر من نوعه وفق ما أوردته وسائل إعلام أجنبية، وأكثر تنظيما واتساعا وتنوعا مما سبقه من مواكب في الأشهر الثلاثة الماضية، إعلانا من الشعب بوفاة الطوارئ، مما يطرح التساؤل عن الخيارات المتبقية أمام النظام، خلافا للانصياع للإرادة الشعبية بالتنحي؟
لقد فشلت الطوارئ في احتواء الحراك الشعبي، بل إن إعلانها كان أكبر حافز لتصعيد حركة الاحتجاج الشعبي لحدودها الأقصى، ووضع الحراك على عتبة العصيان المدني والاضراب العام.
يعلن موكب الخميس التحدي عن اكتمال شرط إعلان العصيان المدني والاضراب السياسي العام، اختصارا لمعاناة شعبنا وآلامه، وقطعا للطريق أمام محاولة النظام التقاط أنفاسه، والبحث عن حلول وحيل جديدة لضمان استمراره، وأمام المبادرات الإقليمية والدولية، بشكل خاص، الهادفة لايجاد مخرج آمن للنظام، يوفر لرئيس النظام وقف ملاحقته من قبل المحكمة الجنائية الدولية.
لقد بادرت العديد من الشرائح الاجتماعية بالتوقف عن العمل ضمن وقفات احتجاجية منتظمة ومتواصلة، خاصة من قبل الأطباء، والكوادر الطبية، بجانب المعلمين والمحامين وطلاب الجامعات الخاصة. وفي هذا السياق، أعلن التحالف الديمقراطي للمحامين عن شروعه في اضراب يوم الثلاثاء المقبل، وهي مبادرة تستدعي من قبل القوى والشرائح الاجتماعية الأخرى، دعمها واسنادها باضرابات في كل مجال للعمل، وتوسيع نطاق المبادرة، أفقيا ورأسيا، لتكون خطوة باتجاه العصيان المدني والاضراب العام، استشرافا لأفق الظفر والحسم.
وفي ذات الاتجاه أصدرت قوى الحرية والتغيير، وهي التحالف الذي يقود الحراك الآن، اعتبار يوم 5 مارس أول يوم لتنفيذ إضراب للقطاعات المهنية، مما يشكل تطور نوعي في التصعيد تجاه حسم هدف إسقاط النظام.
المجد للشهداء الأكرم منا جميعا.
النصر للشعب السوداني ولثورته المجيدة.