ثروات السودان… الدور المفقود والحلم المنشود بقلم: د. امتثال بشير

يتصدر السودان المرتبة السابعة عالمياً، والثانية أفريقياً في مجال الثروة الحيوانية، التي تقدر بحوالي 109مليون رأس من المواشى، فالأبقار وحدها تقدر بحوالي 33 مليون، كل هذه الإحصائيات بعد انفصال جنوب السودان.

وجاءت مصر التي لا تمتلك إلا النذر اليسير من الثروة الحيوانية، وبما لا يتجاوز المليون رأس، أتت في المرتبة ال(21) في التصدير عالميا.

وعلى الصعيد الوطني يعد هذا خللا في توجهات وسياسات السودان الاقتصادية، يصب في خانة ضعف الإرادة السياسية وسوء التخطيط وإغفال الصناعات التحويلية، فضلا عن التماهي مع الجشع والطمع والخيانة، وغيرها من السلوك اللاوطني الذي مارسه أرباب النظام البائد، وما زالت آثاره وبقاياه جاثمة على خاصرة الاقتصاد.

ويعزى كل هذا للتنازل الطوعي، ولتقاعس السلطات عن أداء دورها في ضبط الصادر عموماً، والثروة الحيوانية خاصة. وجاء هذا كأحد أهم الأسباب التي أقعدت البلاد عن أداء دورها كسلة غذاء للعالم.

ومن المحزن جدا، أن تحصد الفوز بعض الدول، صعودا على أكتاف الثروات التي تستوردها من السودان ببخس الثمن، وتعمل على تصنيعها وتصديرها خصما على اقتصاد وثروات البلاد الوطنية.

من المفيد أن تنتبه الحكومة الانتقالية لجدوى تلك الثروات، وما تحققه من

قيمة مضافة في بعض المنتجات قد تصل إلى 700%، فضلا عن فرص العمل التي تحققها من خلال الصناعات الداعمة، والتي من شأنها دعم الاقتصاد السوداني محليا وعالميا.

واذا كنا قد تحدثنا عن الإرادة السياسية كسبب جوهري مانع للاستفادة من القيمة المضافة لصادرات الثروة الحيوانية، الا ان هناك مشاكل فنية أصبحت عائقا أمام إضافة قيمة لمنتجاتنا الحيوانية، وعلى رأسها اللحوم، مما ادى للتوسع في صادر الحي بدلا عن اللحوم المصنعة:

أولأ: عدم تسجيل السلالات المحلية في الملكية الفكرية وبالتالي قامت بعض الدول وخاصة دول الجوار لتوطين سلالاتنا الحيوانية وتصديرها باسم الدولة.

ثانيا: ضعف البنية التحتية للصادر المتمثلة في المسالخ والمحاجر والأسواق وعدم مطابقتها المعايير العالمية

ثالثا: عدم تبني الانظمة المطلوبة، وأصبحت شرط من شروط التجارة الدولية مثل أنظمة تعريف وتتبع الحيوان ونظام ال HACCP وكذلك أنظمة الجودة

رابعا: عدم كفاءة حمولة المرعي حيث أن المراعي الطبيعة لا تكفى 69% من حجم القطيع حسب دراسة منظمة الفاو الأخيرة وبالتالي فإن القطيع القومي مهدد بالانقراض ما لم تحل مشاكل المراعي خاصة مع وتيرة تزايد معدل نمو حجم القطيع وتقلص المراعي بسبب تزايد مساحة الزراعة الآلية واتساع رقعة التعدين الاهلي والنفط

خامسا: مضافا لذلك غياب برامج استئصال الأمراض الوبائية وغيرها.

ومع ذلك هناك ثمة اسئلة ملحة ومرحلية لابد من الاجابة عليها:
1/ لماذا لا ترعى الحكومة الانتقالية أمر التصدير، وفق الضوابط والقوانين الرادعة لكل الشركات المحلية العاملة في المجال؟
2/ ولماذا لا تحفز وتشجع الشركات الوطنية السودانية الراغبة للعمل في مجال تصدير اللحوم، مع التأكيد على الالتزام بالضوابط والقرارات؟
3/ برغم هذا الكم الهائل من الثروة الحيوانية، لماذا لم يكن السودان ضمن ال26 دولة الأعلى تصديرا للحوم عالميا؟
من ناحية أخرى يعد ضبط حركة الصادر، سيما المواشي، أحد المخارج الآمنة للبلاد من أجندة الطامعين، وسياسيات المجتمع الدولي الاقتصادية المهددة للأمن الغذائي للمواطن، والتي تدفع بمزيد من الافقار والافتقار .
على الحكومة الانتقالية ودعما للاقتصاد الوطني، ولينعم الشعب السوداني بخيرات وثروات بلاده، فإنه لا مناص من تقنين أمر الصادر، وابتداع وتفعيل وتطبيق القوانين الصارمة، لكل من يخالف القانون.
على السلطة أن تجتهد لبناء اقتصاد قوي يرتكز على التخطيط الاستراتيجي المبنى على إرادة سياسية نهجها التغيير، وقوامها قطع الطريق أمام الرأسمالية الطفيلية وأذيالهم سارقي قوت الشعب، أملا في أن يعتلي السودان منصات التصدير لثرواتنا ومنتجاتنا الوطنية، دعما للاقتصاد الوطني، وتحفيز المنتجين وعلى طريق تحقيق التوازن التنموي اقتصاديا واجتماعيا.

Ist möglicherweise ein Bild von 1 Person, Brille und Kopftuch