تنسيقية القوى الإسلامية والوطنية: انشقاق جديد من النظام

بقلم: عبد الله رزق

في انشقاق جديد من النظام، أعلنت مجموعة تسمي نفسها، تنسيقية القوى الإسلامية والوطنية، وفي أول رد فعل من أوساط الإسلاميين على خطاب الرئيس عمر البشير، مساء الجمعة الماضية، “معارضتها كافة الإجراءات التي سينتج عنها إعلان الرئيس لقراراته الهوجاء وغير ااموفقة”حسب تعبير البيان. ووصف إعلان الطواريء، بأنه “انحناء لمكائد الغرب، الذي ظل منذ مجيء الإنقاذ يسعى لتحطيم النظام الإسلامي، والنموذج الذي دفعنا ثمنا غاليا في سبيل تثبيت دعائمه، وارساء قواعده.” وأعلنت القوى الإسلامية والوطنية، أن معارضتها ستكون غير مسبوقة لما أسمته” الصفقة الخائبة التي رفعتها قوى البغي بمشاركة قوى عربية، ودول لا تخفي سعيها لتصفية النشاط الإسلامي في آخر قلاعه في السودان.”
ويؤسس البيان لحالة قطيعة جديدة، بين النظام وآخر فوج من الإسلاميين، الذين يبدو أنه قد تضررت مصالحهم وفقدوا مواقعهم، فيما يشبه الانقلاب الذي انطوت عليه الإجراءات التي أعلنها البشير، بحل الحكومة المركزية وحكومات الولايات، بما ينطوى على ذلك الإجراء من إعادة ترتيب الأوضاع الداخلية للنظام، وفق معادلة جديدة للسلطة، بدخول قوى جديدة، يشكل العسكريون، أبرز مكوناتها، وخروج أخرى، في إطار الصراع المحتدم بين مراكز القوى المختلفة، بشان الموقف من الثورة التى تجتاح البلاد منذ شهرين، مع تزايد مؤشرات فشل الحل الأمني، بجانب التعامل مع المبادرات المطروحة من القوى الإقليمية والدولية، خصوصا، لترتيب مخرج آمن من الأزمة.
يؤكد بيان المجموعة الإسلامية والوطنية، الإشارات التي رافقت خطاب البشير بشان بروز خلافات حول محتواه من قبل بعض مراكز القوى والنافذين، ما أدى لتأخير القاء الخطاب لأكثر من ساعة، وإلى خضوع الخطاب لتعديل، بحيث خلا من إجراءات أعلن عنها مدير الأمن والمخابرات، الفريق صلاح قوش، في تنوير للصحفيين، سبق الخطاب. فيما أشار ناشطون، إلى إنتشار المظاهر العسكرية في العاصمة، وهي مظاهر ارتبطت عادة بالانقلابات العسكرية. لقد خلا الخطاب من إعلان البشير تنحيه من رئاسة المؤتمر الوطني، كما خلا، وهو الأمر المهم، من قرار بعدم إجراء تعديل على الدستور، وهو يعني موافقة البشير على التنحي من الحكم، في موعد اقصاه أبريل 2020. ويعتقد أن الخلافات تركزت حول هذه النقطة، بالذات، والتي أشار إليها بيان تنسيقية القوى الإسلامية والوطنية، واعتبرها استسلاما لما أسمته قوى البغي والعدوان. وقد أبقى الخطاب الباب مواربا أمام مسألة تنحي الرئيس، بما يمكن من إفساح مجال التحاور مع أصحاب المبادرات الإقليمية والدولية التي نشطت في الآونة الأخيرة لتسويق مبادرات للخروج من الأزمة بتنحي الرئيس مقابل وقف ملاحقته من قبل المحكمة الجنائية الدولية، ويبدو أن هذه الأطروحة قد وجدت مؤيدين لها داخل النظام والمؤتمر الوطني. فمنذ بعض الوقت بدات بعض الأصوات تعلو معارضة تعديل الدستور، لإعطاء البشير فرصة للترشح في إنتخابات 2020، فيما دعت أصوات أخرى بتنحي الرئيس.
وفي مقابل ما طرأ من بادرة معارضة ومقاومة من قبل الإسلاميين، دفاعا عن مواقعهم داخل النظام ومصالحهم، التي يتهددها ما ينصنف كاعادة إصطفاف للنظام مع محور الخليج ومصر، وما يمكن أن تتطور إليه هذه بالمعارضة والمقاومة لبقايا الإسلاميين في النظام، فقد أعلن النظام حالة الطوارئ، وهي موجهة، بشكل خاص، للتهديد المحتمل من الإسلاميين، اكثر من كونها موجهة للحراك الشعبي. ففي حينه، أكدت جماهير الحراك الثوري، وبشكل عملي شهدته  شوارع العاصمة، قبل الخطاب وبعده، أن الطواريء لن توقف نضالها من أجل اسقاط النظام، كهدف للبديل له ولا تنازل عنه.