تقاسيم من الوعي البعثي في ذكرى إحدى تجلياته الأكتوبرية

تقاسيم من الوعي البعثي في ذكرى إحدى تجلياته الأكتوبرية

(الانفزبل) وشرارة أكتوبر

المهندس عادل خلف الله

بادر الشهيد عبد الله محمد عبد الرحمن، الطالب وعضو الطليعة العربية الاشتراكية في جامعة الخرطوم (إحدى صيغ النشاط البعثي في السودان في مرحلة التاسيس) بتنظيم ندوة عن مشكلة السودان في جنوبه، في 10/10/1964 تحدث فيها باللغة الإنجليزية، بوعي استشعاري عميق بالتمايز الثقافي والحضاري بين شمال السودان وجنوبه، ومخاطر خيار الحل العسكري الذي تبناه نظام 17 نوفمبر الدكتاتوري العسكري، إذ أعلن عن رفض الطليعة العربية للحل العسكري، وللفرض القسري للأسلمة والتعريب، وندد بتجارة الرق، واعتبرها عاراً لا ننكره وإنما ندينه، إضافة إلى تعبيرات ذلك الوعي في الحرص على أهمية إيصال وتفاعل الخطاب والموقف الوطني القومي التقدمي، وسط أبناء وبنات شعبنا في الجنوب ومثقفيه.
ولقد فتحت تلك الندوة، التي تعد الأهم، في تاريخية ملحمة أكتوبر، الباب للندوات والحراك السياسي والجماهيري الذي فجر انتفاضة أكتوبر، بكل زخمها وعنفوانها، والمخزون الثوري الهائل الذي تكتنزه الحركة الجماهيرية وقواها الحية.
ولقد قرن (الانفيزبل) كما أشتهر الشهيد بذلك الاسم، الفكر والموقف بالعمل. وبإدراك بأهمية التنظيم شارك في تنظيم التظاهرات، وتقدم صفوفها، وكيف عبأ بحنجرته الشجية وصوته الجهير نهارات الخرطوم الثائرة، بابتداعه لشعار (إلى القصر حتى النصر ).. ذاك الهتاف الذي حول الجماهير من كتل هادرة إلى طاقة ثورية متحولة. كما أن بقينه بالتضحية، ككلمة سر للنصر قاده إلى عدم الخوف أو الوقوع في أحابيل حسابات الربح والخسارة، بأن تستقر إحدى رصاصات بنادق عسعس نظام نوفمبر، وهم يتصدون مذعورين مدبرين لتظاهرة بشارع القصر، في إحدى رئتيه، وظل جسده الفارع النحيل يحتملها حتى أودت باستشهاده مطلع السبعينات.
وما يزال المدى يردد صدى هتافاته إلى القصر حتى النصر.
ومن زخمها ودوي ما تلاها، نظمت أروع الأناشيد والألحان في مسيرة الأغنية السودا نية، وتعتبر (قصة ثورة) التي تجلى فيها المبدع هاشم صديق شعراً ملحمياً وسكب فيها الموسيقار محمد الأمين أخصب ملكاته اللحنية ومهاراته التطريبية، وبقيت، وبعد أكثر من نصف قرن، متقده، مثل شعلة الأولمب، يتناقلها السودانيين، بمحبة وحنين، جيلا إثر جيل، كأعظم موحد لوجدانهم، ومصادر الهامهم.

قسما قسما يا أكتوبر
نحمي شعارك…
نجني ثمارك…
وللشمس النايرة
قطعنا بحور
حلفنا نموت
أو….
نلقي النور
وكان في الخطوة بنلقـى شـهيد…
بدمو بيرسم فجر العيد.

26 أكتوبر 2017
53 عاماً على قرار الفريق إبراهيم عبود بحل المجلس العسكري وتسليم السلطة.