تبا للمستحيل: فلينهض الشعب لإنجاز التحول السلمي الديمقراطي ومطلوباته

تبا للمستحيل: فلينهض الشعب لإنجاز التحول السلمي الديمقراطي ومطلوباته

انطلقت ثورة ديسمبر المجيدة، لتعلن مطالب الشعب في شعارات حرية، سلام، وعدالة، ولتعبر عن جدلية العلاقة بين القيم الثلاث التي نادت بها حناجر الثوار. وشهد التاريخ للاتحاد الأفريقي أن وقف موقفاً مناصراً للتحول الديمقراطي، ورافضاً للسيطرة على الحكم باسم الجيش على البلاد، بعد الإطاحة بالدكتاتورية، فأعلن تعليق عضوية السودان حتى تسليم السلطة إلى حكومة مدنية.
ولكن ليس كل المواقف الدولية كانت على نسق واحد، أو على ذات مسلك الاتحاد الأفريقي. ولكن علاقة السودان مع محيطه الدولى أصبحت مرهونة بانسجام تلك العلاقة مع متطلبات بناء الحرية والسلام والعدالة.
وعلى صعيد تحقيق مطالب التحول الديمقراطي، استطاعت السلطة الانتقالية، بعد طول تفاوض، أن تنجز اتفاقية جوبا للسلام، كواحدة من أهم أولويات برامج الفترة الانتقالية، لتبدأ مسيرة تعزيز السلام من خلال فرض الأمن، ومعالجة أسباب وجذور النزاع، وكان المجتمع الدولي، بما فيهم الأمم المتحدة، قد وعد بأن يدعم بناء السلام والتعايش السلمي بتعزيز التنمية والإصلاح الاقتصادي، والبنية التحتية، وهي أمور مهمة في إطار التفكير باتجاه إنهاء حالة الحرب والشروع في بناء السودان الديمقراطي.

في مطلع هذا العام خرجت قوات البعثة الأممية من دارفور، في ذات الوقت الذي بدأت فيه حركات النضال المسلح تعود إلى أرض الوطن لتتقاسم مسؤولية بناء السودان مع الحكومة الانتقالية، وثوار ثورة ديسمبر.
إن التوافق السياسي من أجل بناء الوطن وتحقيق التنمية والسلام، ينسجم تماماً مع مبادئ وقيم الثورة المجيدة. بمستطاع الشعب السوداني أن ينجز تطلعاته التي يحلم بها، إذا استقل بقراره عن التبعية والمحاور الأجنبية، وإذا عقد العزم والإرادة لبناء مستقبله، بعقل وسواعد أبنائه وبناته، بإقامة علاقات خارجية تعبر عن المصالح العليا ومدركة للمخاطر المهددة لوحدة وسيادة واستقرار السودان، وألا تكون أراضيه ومياهه مسرحاً لأي تواجد لقواعد أو قوات عسكرية أجنبية، وأن يكون عنصراً فاعلاً في بسط الأمن والاستقرار في الإقليم، وتبنّي سياسة قائمة على عدم التدخل في شؤون الغير.
خرجت دارفور، وكردفان، وجنوب الأزرق، من حرب مدمرة استمرت في بعض اجزاءها لمدة ثلاثين عاماً، فرضتها قوى، وأسهمت في إطالتها عدة دوائر، أهدرت الموارد، وأضاعت فرص للتقدم والنماء، وعطلت دورة التدامج والتآخي الوطني وأزاهر التعايش السلمي. لكن مسألة إعادة إعمار ميراث الحرب والدمار، وتحقيق التنمية فيها، أمر ليس بالمستحيل على هذا الشعب العظيم الذي ظل يحفر في جدار الدكتاتورية إلى أن انتصر، و فتح كوة الحرية والديمقراطية المضيئة، كمدخل لتصفية بنية الاستبداد والهيمنة والتمكين، المادية والمعنوية.
إن الشعب الذي قاوم الدكتاتورية بعبقرية وبسالة، قادر على أن يقاوم ويتغلب أيضاً على معوقات التنمية وفقر الخدمات، وأهمية تطورهما المتوازن، دون حوجة إلى أن يكون في حالة رهان وانتظار أبدى للمعونات الدولية، التي دائما ما تكون كحوافز (مسمومة) بشروط لا تلبي متطلبات استدامة السلام والتنمية المتوازنة والديمقراطية، كثالوث وحجر الزاوية للنهوض والتقدم، والمعزز للوحدة والسيادة.