النسخة الجديدة لمفاوضات السلام

النسخة الجديدة لمفاوضات السلام

بقلم: عبد الرحمن نورالدائم

بدأت النسخة الجديدة لمفاوضات السلام السودانية يوم أمس الأول الجمعة السابع عشر من أكتوبر الجاري 2019 م بعد فشل أكثر من (20) جولة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في العامين الماضيين، حيث شهدت مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان في الأيام القليلة الماضية توافد العشرات من السودانيين من كل حدب وصوب وذلك للشروع في المفاوضات الرسمية لإحلال السلام وإنهاء الحرب الأهلية وذلك بمخاطبة جذور المشكلة السودانية، ولقد جاءت الجلسة الافتتاحية بحضور رئيس المجلس السيادي الفريق برهان ورئيس الوزراء الإثيوبي وعدد من رؤساء الدول الأفريقية المجاورة والصديقة وسفراء عدد من الدول الأوروبية والأفريقية. ووفد المجلس السيادي برئاسة حميدتي، ووفود الحركات المسلحة الحركة الشعبية لتحرير السودان بشقيه (عقار/الحلو) وحركات دافور المسلحة باستثناء (حركة عبدالواحد)
ويبدو أن هناك إرادة سياسية من كل الأطراف بدرجات متفاوتة لتحقيق السلام هذه المرة خلافا لما ما كان عليه الحال إبان فترة النظام البائد، ولقد تجلت مظاهر ذلك من خلال التوصل السلسل الي اتفاق لملفات التفاوض واستجابة الحكومة السودانية لاحتواء تداعيات الأحداث الأمنية المؤسفة التي شهدتها جنوب كردفان في الثالث عشر من أكتوبر الجاري والتي كادت أن تعرقل المفاوضات، وهذا ما اعتبر مؤشرا إيجابيا للمضي خطوات الي الإمام في بحث كل الملفات الإنسانية والسياسية والأمنية.
نتطلع الآن الي أن تتهم كل الأطراف بالملف الإنساني كاولوية لا تحتمل التسويف لأن إنجاز هذا الملف بكل أبعاده سيساهم في تجسير الهوة ورفع الحرج عن كل الأطراف لابد من إيقاف معاناة النازحين واللاجئين الذين تطاول عذابهم وحرمانهم من أبسط الحقوق في الحياة الحرة الكريمة.
وكما أشرنا في مقالنا السابق فإن ملف السلام أولية ولا يمكن الحديث عن العدالة والحرية بمعزل عن السلام والوثيقة الدستورية نصت على ذلك بدون لبس حيث أشارت المادة (7) الي أن تلتزم أجهزة الدولة في الفترة الإنتقالية بإنقاذ جملة من المهام منها الفقرة (1) (( العمل على تحقيق السلام العادل والشامل وإنهاء الحرب بمخاطبة جذور المشكلة السودانية ومعالجة آثارها مع الوضع في الإعتبار التدابير التفصيلية المؤقتة للمناطق المتأثرة بالحرب والمناطق الأقل نموءا والمجموعات الأكثر تضرراً))
كما نصت المادة (69) علي أن (يتم إدراج اتفاقيات السلام التي توقع بين السلطة الانتقالية والحركات المسلحة في هذه الوثيقة وفق أحكامها)
علينا جميعاً الارتقاء الي مستوي المسئولية التاريخية والتسامي فوق الجراحات وتناسي المرارات لإحلال السلام وإنهاء معاناة أهلنا النازحين واللاجئين الذين تطاول عذابهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم في الحياة الحرة الكريمة، وأول خطوة في هذا الاتجاه نتطلع إلى بذل المساعي لإجراء حوارات ولقاءات مباشرة لإنهاء حالات القطيعة بين أبناء الولاية لتوحيد المواقف لتهيئة الأجواء لتجاوز الأزمات.
مطلوب في هذه المرحلة من كل أبناء الولاية حماية الثورة والمحافظة عليها للوصول إلى الأهداف التي انطلقت من أجلها واستشهد في سبيلها مئات الشهداء، هذه فرصتنا الأخيرة يجب انتهازها لإنقاذ الولاية ووضعها في موقعها الطبيعي والطليعي حيث يجب المشاركة الفعالة في جولات المفاوضات القادمة لكل الشرائح أصحاب الحق والمصلحة في إحلال السلام العادل والشامل، مطلوب تجاوز منهج النظام البائد في التعاطي مع قضايا الولاية لقد انتهي عهد الوصايا، إشراك أبناء الولاية في كل مراحل الجولات القادمة ضمانة حقيقية للنجاح، لابد من التحرك الإيجابي لتكوين مفوضية السلام وفق المعايير المتفق عليها، وكذلك تنشيط ودعم لجنة السلام بالمجلس السيادي لإعداد الملفات وتوفير المعلومات التي تساعد في استيعاب أبعاد كل المعطيات والمستجدات على أرض الواقع من ثم المساعدة في الحلول العادلة.
نحن نريد أن تكون النسخة الجديدة للمفاوضات مختلفة شكلاً ومضمونا من الجولات الماضية،
والثورة مستمرة…..

والشعب اقوي والردة مستحيلة…