المفكر على الريح السنهوري .. والبعث في السودان ثقة تبعث على الخوف.. وهدوء عاصف!!

شخصيات في المشهد السياسي
إعداد الفوال
الحديث عن سيرة السياسي نتناولها عن الفعل السياسي في سياق حركة السياسي وممارسته للعمل السياسي حركة وموقفا ورأيا، وفيما يطرحه من برامج على إتساع الساحة السياسية ومنتدياتها ولياليها السياسية العامة، أو في مواقفه من خلال القضايا المطروحة في مرحلة من مراحل الحركة السياسية، وتناولنا اليوم لشخصية سياسي متفرد عن كافة الشخصيات السياسية السودانية إنه المفكر علي الريح السنهوري.
فجانب الفكر السياسي يطغى على شخصية السنهوري السياسية ومفتاح شخصيته السياسة مبنية في الأصل على الجانب الفكري في السياسة ولو لم يكن في الأصل عقائديا بعثيا لكان مفكرا سياسيا مطلقا، حرا لا تحكمنا نظرة الإنتماء في توصيف فكره السياسي المتقد، وإشكالية قراءة شخصية السنهوري السياسية تكمن في تلازم شخصيته العقائدية، مع أطروحاته الفكرية فلا نكاد نعرف حدود تفكيره السياسي بعيدا عن رؤيته الفلسفية العقائدية، فهما متلازمتان في النظرية والممارسة، ومن الصعوبة بمكان أن ندرك أين تبدأ تلك وأين تنتهي هذه.
من خلال رصدنا لحركة السنهوري في الساحة السياسية إنه لم يعهد عليه عملية الظهور المظهري كدأب السياسيين عادة في لفت الأنظار نحوهم، ومحاولة تكوين رصيد جماهيري حول شخصياتهم، وذلك من أدوات العمل السياسي العام ومتطلباته نلاحظ على النقيض من ذلك عند السنهوري فهو لا يؤسس على فلسفة الإطلالة الجماهيرية الداوية والملفتة إنما انصب كل جهده في تأسيس الفكرة السياسية في مجالها الفكري وتطبيقها العملي بغض النظر عما تسفر عنه الممارسة في تحديد زمن نجاحها،ذلك هو الأفق السياسي الذي يبدو لنا وأضحاً في فلسفته السياسية وهنا يغلب الجانب الفكري البحت على ممارسته العمل السياسي، هذا إذا لم نخطيء في قراءة المعطيات المتاحة لفهم الشخصية.
مناضل قومي
لو حاولنا معرفة هذا المنهج السياسي في تعاطي السياسة وخلفياته التي إنعكست على حياته السياسية في الساحة السودانية علينا أن نعلم أن السنهوري من أوائل الذين طرحوا فكر حزب البعث القومي في الساحة السودانية مع قلة من رفاقه الآخرين الذين غادروا المسرح السياسي اليوم، فقد كان سنهوري ولا يزال ضمن القيادة القطرية لحزب البعث على مستوى الأحزاب البعثية، ومضى فترة طويلة مغترباً في العراق حتى احتلال بغداد، وهذه المرحلة من حياته السياسية كانت لها إنعكاسات على رؤياه للعمل السياسي، فعملية النضال الثوري سواء في بغداد أو الخرطوم لم تختلف مرجعيتها لديه، فهو لا يحسب نفسه مناضلاً قياسا على مساحة المنطقة التي يتواجد فيها، إنما ساحته في النضال الثوري تمتد إلى الأفق العربي في الوطن العربي الكبير، لذا جاء معارضاً في السودان ليس لمرتكز قضايا محلية وإشكالات سياسية محلية، إنما جاء معارضاً وداعياً لبعث عربي ملتزم بمبادئ محددة وفي إطار كل الأرض العربية، وليس السودان خاصة لذا كان متفردا عن الآخرين في معارضته ومميزا في طرحه القومي الذي أخرجه من زمرة المعارضة المحلية لما يراه إنه طريق يخالف لرؤياه ومبادئه العقائدية.
القناعات الراسخة
ما يلفت في شخصية المفكر السنهوري إنه هادئ في نقاشاته يؤمن بالحتمية الزمانية للأحداث، وهذا ما أعطاه الثقة المفرطة في حدوث النتائج المنطقية للأحداث التي نعيشها وتلك القناعة الراسخة لديه جعلته غير مستعجل للنتائج بل موقن من قدومها في قادم الزمن حينما تكتمل كل عوامل تغيير الحدث، فهو هادئ واثق غير عجول ابدأ،
نقطة أخرى تستوجب التوقف عندها للتأمل حين نستعرض حياة السنهوري السياسية، وهي أن المواقف عند كل القادة في سوداننا هي مواقف دوما في حراك وتبدل مع طبيعة الموقف السياسي في لحظته وهذا التغيير في التحركات السياسية عامة أوجد حالة من عدم الاستقرار المبدئي، وخلط كثير من أوراق الساسة الكبار منهم والصغار وإذا حاولنا إسقاط هذه الحالة على المفكر السنهوري فإننا نجد حالة مختلفة مستقرة فلا نلمس تغييراً في المنهجية أو الفكر، وظلت مواقفه ثابتة دون أن تحركها إغراءات السياسة أو ضغوطها في الحالتين وهذا يؤكد أن طبيعة الرجل أنه يأخذ السياسة من زاوية الفكر، ولا يكسر عظم الفكر من أجل السياسة، وهذه حالة نادرة في قادة الأحزاب وهذا العنصر في الأخذ بالسياسة يقع في دائرة الصمود السياسي وعدم التحايل على المواقف والمبادئ لتخدم السياسة وأغراضها في شتى المجالات
إضاءة أخيرة
تلك شذرات من محطات توقفنا عندها في محاولة قراءة شخصية سياسية سودانية، وفك شفراتها ومرتكزاتها النفسية والفكرية في ممارستها للعمل السياسي في الساحة السودانية، والوقوف عند تلك المحطات هو محاولة لمعرفة واقعية لأولئك الأشخاص الذين يتصدرون المشهد السياسي وقراءة مسبقة على ضوء معطيات شخصية لها تأثير في حركتهم في المسرح السياسي.. وبالتالي إسهاماتتهم فى تشكيل الواقع السياسى
الهدف 17 سبتمبر 2017