المسالم القوي

المسالم القوي

قص: حسن بكري

كما الأبطال في افلام بوليود التي يعشقها يمشي عبد الحليم مشيته المميزة بشعر بندقي مسدل على كتفيه بزي شرقي سوداني كامل لولا سفنجته الخضراء، عبد الحليم طول في عرض ويملك قوة غير طبيعية، فتجد الرجل منا يصرخ لمجرد ان عبد الحليم قد صافحه، يضع السكر أمام ست الشاي والفحم أمام الأخرى وهكذا يتجول بين ستات الشاي، يلبي طلباتهن والمقابل يحصل على كوب قهوة هنا أو كوب شاي هناك، ستقف احتراماً له ان كنت غريباً، فللرجل هيبة تدهشك وقد تخفض بصرك ان نظر إليك مباشرة، والغريب يعرف انه حليم المسكين الطيب المسالم القوى الذي ربما بكى لأن أحدهم قد رفع صوته عليه، حليم في الحقيقة أبسط من ظاهرة وخلف مشيته البطولية وقوته الخارقه ضعف غير طبيعي، يخاف حليم من كل شيء، الظلام، أبواق السيارات، يخاف من الصراصير والضب ومن البحر وقد يبكيه طفل صغير يحمل حجراً في يده،
تمتلئ جيوب جلبابه السواكني بالحلوة يوزعها للأطفال الصغار
يتوسل متسولاً فتمنحه عشرة جنيهات لتتفاجأ برزمة كبيرة يخرجها من جيبه (ملايين) وتعرف انه يجمع الأموال لعلاج احداهن لا تربطه بها اي علاقة فقط عرف بحالتها الصحية ويقوم باللازم ولديه زيارة يومية للمستشفى يتفقد خلالها احوال الناس ويطمئن على حالهم، يعشق الأغاني النوبية يحفظها وينطط طرباً على ايقاعها في اعراس الناس.
تجده في الوسط يرقص ويتجمع حوله صبية ينسحب قليلا قليلا يتبعه الصبية ليأخذ مساحة كبيرة على حافة الفرح يصفق راقصاً بحركات رشيقة فيجذب أعين الحضور وتتمناه كل فتاة قبل أن تتحطم آمالهن أمام حقيقة أنه حليم المجنون
يرتب صفوف الخبز بصوته العالي يصرخ: انا ماداير أي قلة ادب، الحريم في صف والرجال في صف.
حركة السير، أعمال الصيانة حفر المجاري صفوف الوقود وهكذا يتدخل في كل شيء، يا زعيم تسمعها كلما مر حليم ويسعد جدا بذلك اللقب فالزعامه تشبهه في كل شيء، لو لم يكن حليم الخواف والمجنون المسكين
لديه خطبة قد يلقيها في أي وقت الصباح الباكر أو عند الظهيرة وعصراُ حين تخف الحركة.
يتحدث في أمور الدنيا والآخرة في السياسة والاجتماع وعلوم الفلك والماورائيات قبل أن يشعل سيجارة حشيشة ويترك الجميع يمشي ويختفي في الزحام، يتلاشى حضوره الطاغي هنا ليحضر هناك في كامل بهائه
يعاني حليم من حالة نفسية بعد فقده لوالدته، رواية تحكى تنفيها رواية اخرى انه بعد وفاة والده وتوزيع التركة قام اخوته بسرقته وتركوه يبكي ظلمهم، وتهمس المدينة بأن إحدى الجنيات راودته في غابة المسكيت فأخذت عقله ومنحته للفقراء يخدمهم ويخفف مصائبهم التي لا تنتهي.
في المغربية يمضي كما الشمس نحو مغربه لا يعرف أحدهم أين ينام وكيف يصحو صباحاً وبأي وسيلة يصل لسوق المدينة ليمشي مشيته البوليوديه من ست شاي لأخرى ومن صف لآخر بشعره البندقي يوزع البسمات على الناس.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.