المثالية الواقعية

المثالية الواقعية

المثالي ليس نقيض الواقعي، لأن الواقعي ليس الذي يستسلم للواقع بل الذي يفهمه. وقد يفهمه ليماشيه ويستغله، او ليعلو عليه ويغيره. ولذلك يجوز ان يكون، وفي عرفنا يجب أن يكون، المثالي واقعيا كي يقدر على تحقيق مثله في العمل.

ولكن الواقعية السائدة، ليست سوى الاستسلام للواقع، أما بعامل الخوف والجبن، واما بباعث النفعية والاستغلال والاصح ان تسمى هذه الفئة بفئة المستسلمين والمنتفعين.

عندنا سياسيون، فيهم الشيوخ والكهول والشباب، ولكنهم مستسلمون ومنتفعون او مستسلمون لانهم منتفعون. دخل أكثرهم العمل العام دون فهم كلي للقضية القومية، ودون أن يتصوروها كلا، فضاعوا في الاجزاء، وعجزوا عن نفع القضية، فرأوا عندئذ ان لا بأس من الانتفاع بها. وعندنا إلى جانب هؤلاء، جيل جديد، مرشح لان يكون قوميا، دفعته أخطاء السياسيين ومغالاتهم الى أن يعتبر ويفكر. وهذا الجيل لا يزال في دور النشوء والتهيؤ، لم يتسلم سلطة ولم يصل بعد الى مرحلة التحقيق، وسيبقى زمنا طويلا. اذا فهم حقيقة مهمته – في دور النضال. والنضال يسمح له، بل يشترط عليه ان يكون متشددا في مطاليبه، دقيقا في المحافظة على مبادئه، مبتعدا عن كل تساهل تقضي به السياسة ويبرره استعجال النجاح.

عام 1943

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.