القيادة القومية : كفى الأمة تشظياً وصراعات بين اقطارها ولتنتصر لغة الحوار على لغة الاحتراب

أكدت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، ان التحديات القومية التي تواجه الامة ،تفرض عليها تغليب لغة الحوار والارتقاء الى مستوى التحديات وتوحيد الجهد القومي في مواجهة كل من يناصب الامة العداء من الداخل والخارج.
جاء ذلك في بيان للقيادة القومية في مايلي نصه:.

في الوقت الذي تشتد فيه المخاطر على الامة العربية ويتهدد امنها القومي من اعدائها المتعددي المشارب والمواقع ، تشهد العلاقات (المغربية – الجزائرية) ، توترا سياسياً وصل حد قطع العلاقات الدبلوماسية بين القطرين بعدما تقاذف الطرفان الاتهامات المتبادلة حول تدخل كل منهما في شؤون الاخر . ان تكبير حجم الخلافات بين البلدين الشقيقين ،وهما اللذان يشكلان ركنين اساسيين من اركان الامة العربية ، وتتطلع الجماهير العربية الى دورهما الفعال في حماية الثغور الغربية للوطن العربي ،فإن رفع مستوى التوتر بينهما لا يضعف قدرتهما على الاستنهاض بوضعهما الداخلي على الصعد الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق مجتمع العدالة وتكافؤ الفرص وتعزيز ديموقراطية الحياة السياسية وحسب ، بل يكشف ساحتيهما امام كل اشكال التدخل الدولي والاقليمي ويضعف دورهما على الصعيد القومي من اجل توفير حلول سياسية للازمات البنيوية التي تعصف ببعض الساحات العربية للحفاظ على المقومات الاساسية للدولة الوطنية . ان القيادة القومية للحزب ، وهي تعي جيداً ان ثمة تباينات في وجهات النظر بين البلدين ،وخاصة حول مسألة (الصحراء الغربية )، وان جهوداً عربية بذلت لاحتواء توترات الموقف حول هذه القضية ، لكن رغم ذلك لم تصل العلاقة بين البلدين الى حد قطع العلاقات الدبلوماسية.ولهذا فإن التطور السلبي الراهن في الموقف بين الطرفين في توقيته واستهدافاته لايبدو منعزلاً عن ابعاد الهجمة الشاملة على الامة العربية بوجودها وهويتها وعناصر المناعة الداخلية لأقطارها. فبعد الحرب العدوانية على العراق واحتلاله وتدمير دولته الوطنية ،وتفجر الصراع في العديد من الساحات من اليمن الى سوريا وليبيا والانفجار السياسي والاجتماعي في لبنان والضغوطات التي يتعرض لها السودان لاعاقة انجاز التحول الوطني الديموقراطي الذي فتحت افاقه ثورة ديسمبر ، هاهي الغيوم السوداء تتجمع في سماء العلاقات (المغربية – الجزائرية) منذرة بانفجار صراع بين الدولتين لن يكون في مصلحتهما الوطنية، ولا في مصلحة الامة العربية وهي التي كانت تعول على دورهما في المساعدة على انتاج حلول سياسية للازمات العربية. ان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، وهي تدعو القطرين الشقيقين ،(المغرب والجزائر) الى حل المشاكل الثنائية العالقة بينهما بالحوار ،وتحت مظلة الجامعة العربية اذا اقتضى الامر ، لكي لا تندفع الامور الى وضع لاتحمد عقباه. فتصعيد الموقف بين البلدين ،سيفسح المجال امام تدخل دولي واقليمي توظف نتائجه لمصلحة القوى المتدخلة، والوصول بالامة العربية الى حالة الانكشاف الكامل ،وترسيم الحلول السياسية التي تتماهى مع مايرسم للعراق وسوريا، واليمن، وليبيا وهي التي ترمي الى اضعاف ركائز الدولة الوطنية ،وتمكين القوى الدولية، والاقليمية، من تثبيت مواطئ قدم لها على مساحة الوطن العربي من مشرقه الى مغربه وعلى حساب الامن القومي العربي، علما ان الكل العربي سيخرج خاسرا من هذا الصراع الدائر في الامة وعليها ، وفلسطين ستكون الخاسر الاكبر من جراء انكشاف ظهيرها القومي المخترق بعلاقات التطبيع وتعثر خطوات الوحدة الوطنية الفلسطينية .
ان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، التي تبدي حرصاً على تجنيب هذا القطرين العربيين مغبة الانزلاق الى صراع يصعب احتواؤه تدعو الى تغليب لغة الحوار الايجابي ،لان كلا البلدين يمتلكان من حس المسؤولية الوطنية والقومية ما يجعلهما قادرين على تجاوز هذه الازمة ،خاصة وان بناءهما الوطني واستقلالهما ، شيدا بدم الشهداء وجهد المناضلين، وهما كانا دائما من رواد التضامن العربي الذي تصدع بفعل الاحتلال الاجنبي، والتغول المعادي في العمق القومي العربي وخاصة الايراني منه. ان فلسطين بحاجة الى الجهد القومي وخاصة الاقطار التي لم تستنزف امكاناتهما في الصراعات المتفجرة و(المغرب والجزائر) منهما بشكل خاص، كما ان العراق الذي ادى احتلاله واسقاط نظامه الوطني الى ضرب اهم ركيزة من ركائز الامن القومي العربي ،بحاجة الى الجهد العربي لدعم المشروع الوطني الذي يسقط نتائج الاحتلال الاميركي ويحرره من الاحتلال الايراني وكل المحاولات الرامية لتوفير تغطية اقليمية ودولية للعملية السياسية التي تتقاطع فيها المصالح الاميركية والايرانية ، كما عبر عن ذلك المؤتمر الذي عقد في بغداد مؤخراً بذريعة مواجهة مايسمى القوى الارهابية ،فيما هذه القوى ماهي الا منتج اميركي ايراني يجري الاستثمار به لاضعاف عناصر المناعة الوطنية ودفع الوضع العربي الى مزيد من التفتت والتشظي.
ان الاخوة في الجزائر والمغرب يجمعهما الانتماء القومي لامة واحدة كما يجمعهما التاريخ المشترك للنضال ضد الاستعمار الفرنسي، ويقيننا أنهما يدركان ما يخطط للأمة وهما من صلبها بأن المؤامرة الشاملة على الامة لا تستقيم الا بضرب المؤسسات الارتكازية في بنية الدول الوطنية وخاصة مؤسسة الجيش والعراق نموذجاً ،والمدخل الدفع باتجاه الصدام المسلح وصولاً الى الحرب الشاملة بين هذين القطرين الاساسيين من اقطار الامة.
ان القيادة القومية للحزب ،التي يهمها الامن الوطني( للجزائر )كما الامن الوطني(للمغرب)تعول على القوى الخيرة في البلدين والمشدودة الى قيمها الوطنية والنضال المشترك ضد الاستعمار ،لاطلاق مبادرة تؤدي الى احتواء الازمة ومعالجتها عبر الاطر السياسية تداركاً لخطر محدق بالبلدين ،وهما اللذان يشكلان صمام امان للامن العربي خاصة في المغرب العربي .
يكفي الامة صراعات جانبية وتفتيت وتفكك ، وعليه ليرتفع الجميع الى مستوى التحديات التي تواجه الامة العربية،كونه لاخلاص لها الا بتوحيد قواها وجهودها في مواجه اعدائها المتعددي المشارب والمواقع. وخروج (المغرب والجزائر) من ازمة توتر العلاقات الى رحاب العلاقات الايجابية بقدر ما يوجه رسالة قوية لقوى التخريب الداخلي فإن رسالته تكون اقوى لمواقع التدخل الخارجي ،والامل معقود على الارادة الشعبية العربية وعلى الارادة الوطنية في كلا البلدين كي تضغط باتجاه تغليب لغة الحوار على لغة الاحتراب.

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي
30/8/2021