العلاقات الصهيونية التشادية والآثار المترتبة على السودان

بقلم: محمد ضياء الدين

أثارت زيارة الرئيس التشادي السيد إدريس دبي لفلسطين المحتلة مؤخراً، الكثير من التساؤلات والتكهنات حول التداعيات المرتقبة للزيارة على المنطقة، وعلى السودان بوجه الخصوص.
وفق ما ذكره إدريس ديبي خلال زيارته للكيان الصهيوني، بأن محاربة الإرهاب تؤسس أرضية مشتركة لتقارب وتعاون [تل أبيب] وإنجمينا، فإن المسألة الأمنية، كانت وما زالت أهم أجندة في العلاقات بين الخرطوم وإنجمينا، والتي مرت بمسيرة طويلة ومتعرجة، بدءاً من دعم كل بلد للتمرد في البلد الآخر، حيث تشكل التمردات المسلحة كعب أخيل لكل بلد، وإنتهاءً بتعاون حكومتي البلدين للتصدي المشترك للمتمردين عبر تأمين الحدود بقوات مشتركة.
غير أن مشاغل إنجمينا لا تتعلق بالحدود الشرقية وحسب، فتشاد أشبه بجزيرة وسط بحر من الاضطرابات، فإلى جانب المعارضة الداخلية التي بدأت تنشط مؤخراً في تبيستي، تشارك إنجمينا كلا من نيجيريا والنيجر والكاميرون الحرب على بوكو حرام على جبهة بحيرة تشاد، مثلما تشارك مع القوات الفرنسية في مالي في الحرب على جماعة أنصار الدين. ومع اتساع نشاطات الجهاديين، وأبرزهم جماعة قاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي في شمال غربي أفريقيا وتوحدها في جبهة واسعة، عمدت تشاد وأربعة بلدان أخرى هي النيجر ومالي وموريتانيا وبوركينا فاسو، بدعم من فرنسا، لتكوين حلف عسكري للحرب على الجهاديين عرف باسم (جي فايف) الساحل. لكن تشاد اشتكت من عدم حصولها على دعم كاف لحروبها المتعددة الجبهات ضد ما يتواضع عليه بالإرهاب. ويبدو أن تشاد تتطلع للحصول على دعم من تل أبيب بالأسلحة والمعدات العسكرية والخبرات، ما قد ينعكس في قدرتها على مواجهة التحديات الأمنية، التي نفذت مؤخراً، بعنصر جديد تمثل في نشاط داعش وتسللها المحتمل عبر الحدود المشتركة مع ليبيا، وهو تطور أمني يهم السودان أيضاً. غير أن السودان الذي كانت بعض أجزاء من أطرافه الغربية ميداناً لصراعات التشاديين الدموية على السلطة، وكان للأوضاع في تشاد بالمقابل تأثيراتها المباشرة على الوضع في السودان، لا سيما الحرب الأهلية في دارفور، التى لا يمكن استثنائها من التطورات الأمنية اللاحقة في تشاد، والتي ستشكل (إسرائيل) طرفاً فيها، فتشاد ستكون بوابة التدخل الصهيوني في النزاعات والحروب التي تشهدها المنطقة باسم الإرهاب ومحاربة الإرهاب. ولن تكون أوضاع السودان الأمنية وحروبه القادمة بمنجاة من تأثيرات الوجود الصهيوني في هذه المنطقة من القارة، خاصة وأن دولة تشاد تعتبر آخر جارات السودان التى تذهب باتجاه التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني الغاصب، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك ما يشير لتعاون مشترك غير معلن بين الخرطوم وتل أبيب لمكافحة ما يسمى بالإرهاب.

من المؤكد أن دولة الكيان الصهيوني قد حققت اختراقاً كبيراً خلال العام الجاري بتطبيع علاقاتها مع عدد من الدول العربية، فى ظل الواقع العربى المتردي، وهو ما شجعها على المضي قدماً في اختراق القلب الأفريقي (المسلم) هذه المرة عبر تشاد، وعينها على السودان الذي يمثل المعبر والمدخل الجغرافي والسياسي العربي لأفريقيا، حيث أشارت هيئة البث (الإسرائيلي) بأن هناك ترتيبات تجري لقيام نتنياهو بزيارة رسمية للسودان. وهو إعلان واضح الغرض، غض النظر عن صحة أو عدم صحة ما تردد، إذ جاء الإعلان متزامناً مع زيارة دبي (لتل أبيب)، ليؤكد أن السودان سيؤتى هذه المرة من إنجمينا، وفي خاصرته، عبر دارفور.
إن هذه التطورات الخطيرة التى تحدث فى المنطقة، تؤكد أن زيارة دبي سيكون لها ما بعدها، وهذا ما يتطلب وعياً سودانياً رسمياً وشعبياً بمخاطر التمدد الصهيوني في المنطقة تحت عناوين مكافحة الإرهاب والتطبيع، وخطورة تداعيات ذلك على السودان ومستقبل وحدته وسيادته.
على كافة الأطراف السودانية إعادة قراءة ما يسمى بخارطة التقسيم الدولية للمنطقة، ضمن ما يسمى بمخطط الشرق الأوسط الجديد، الذى تعمل عليه الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها (دولة) الكيان الصهيوني الغاصب للحق الفلسطيني فى أرضه، والعمل على التصدي لسياسات التطبيع والاختراق الصهيوني، عبر بناء جبهة شعبية واسعة لمقاومة السياسات الصهيونية والإمبريالية في المنطقة والسودان.

27 نوفمبر 2018

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.