الشرق: قوى التصعيد والتصيد وممكنات الاحتواء

▪️الشرق: قوى التصعيد والتصيد وممكنات الاحتواء

مرة أخرى، يجد السودان نفسه أمام تحدي أن يكون أو لايكون. مرة أخرى، تتجمع قوى التبعية والتفتيت، من جديد، لتهدد وحدة البلاد وتماسك نسيجها الاجتماعي، وتقدمها الاقتصادي والاجتماعي، وتجعل من التنوع الثقافي والقبلي، عامل تمزيق لعروة الوطنية، ووقودا للاحتراب والاقتتال، بديلا لممكناته التاريخية في التوحيد والنضال المشترك.

حديثا، صمد السودان طويلا، حتى يجتاز محنة دارفور، وليعبر منها إلى بر الأمان بالحرية والتعددية والسلام. والآن، يقف عند نفس المنعطف، حيث تطل الفتنة، هذه المرة من الشرق، من بورتسودان، وكسلا، و القضارف، لكن بما توفر للسودان من خبرات تراكمية في إطفاء مثل هذه الفتن، وبفضل ما يتوفر لدى أبنائه وبناته من الحنكة والحكمة، فإنه قادر على اجتياز امتحان الشرق بنجاح، كما اجتاز محنة الدكتاتورية والحرب، والخروج منها أكثر تماسكا وأشد منعة وأقوى وحدة وعزيمة من ذي قبل.

ففي مواجهة التصعيد الذي تسعى له بعض الجهات الضالعة في مخطط تفجير الأوضاع الأمنية في الشرق، والمتصيدة في مجمل الأوضاع، أسوة بمايحدث في أجزاء أخرى، من البلاد، فإن الحادبين على مصلحة البلاد مطالبون بإلتزام أقصى قدر من المرونة ومن الحكمة ومن ضبط النفس، لتفويت الفرصة على أعداء البلاد، والمتربصين بأمنها وسلامتها.

▪️ نقطة البداية هي وقف ورفض التجيش القبلي ورفض الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد علي اساسه، واعتماد الحوار بدل البنادق في معالجة قضايا الخلاف، والنأي عن أي شكل من أشكال تهديد الحياة العامة، ببسط الطمأنينة ومباشرة مؤسسات الدولة لسلطاتها بوطنية ونزاهة وحيدة.

▪️إن الانحياز للسلمية في التعبير عن الرأي هو تأكيد لممكنات الانتفاضة ولثورية أهدافها وقيمها.واللجوء للحوار، هو امتثال لتلك السلمية ووضعها موضع التنفيذ، وقطع الطريق أمام قوى التصعيد والتصيد.

▪️أن لشرق السودان مطالب مشروعة، منذ أن عانى من عدم التوازن في التطور والنمو وعدالة توزيع الثروة والمشاركة السياسية امتدت لعقود من الزمان. وإذا كان بعض أبناء الشرق، لأي سبب أو آخر، لايرون في بعض ما جاء في اتفاق جوبا للسلام، ما يحقق تطلعاتهم، فإن من الطبيعي أن يعاد الأمر إلى طاولة الحوار، للوصول إلى توافق بمشاركة الجميع، ودون عزل لمكون من مكونات الشرق، من المعادلة المنشودة للتشاركية في انجاز مهام الانتقال، وبتمثيل توافقي في توزيع الثروة والسلطة وهياكل الحكم الانتقالي وبما يتمخض من انعقاد مؤتمر الشرق.

▪️أن شرق السودان، يحتل موقعا متميزا في الاستراتيجيات الاقليمية والدولية، فهو يقع على مرمى حجر من السد الإثيوبي، الذي تتركز حوله الآن أنظار العالم، وتكاد تكتم أنفاس الجميع مع إرهاصات أول حروب القرن، المتعلقة بالمياه، جراء التمترس الإثيوبي حول فرض ارادته، بمعزل عن إرادة مشتركة وتبادل للمعلومات حول ملأ وتشغيل السد، وفق اتفاق قانوني يصون الاستخدام الامثل للمياة، يراعي مصالح الكل ويبدد شبح التهديد بالاغراق ونقص التوليد الكهربائي والري الزراعي، بجانب حرب التغراي، التي جعلت إثيوبيا واريتريا، في خندق مواجهة.

▪️لذلك يكتسب شرق السودان، الذي تجمعه الكثير من الروابط المتداخلة والمشتركة بالاقليم، وضعا بالغ الحساسية، يتطلب قدرا عاليا من المسؤولية في التعاطي مع قضاياه، وبما يجعله بوابة للتفاعل الايجابي حول قضايا المنطقة والإقليم ولتبادل المنافع وبما يضمن سلامة واستقرار السودان ووحدة اراضيه واستقلال قراره الوطني.

لذلك يظل الرهان على حكمة أهل الشرق، بكل مكوناته الحضارية و السكانية، دون فرز، هو المعول عليه في القضاء على الفتنة التي يسعى فلول النظام المباد وقوى الردة والتصيد وتداخلاتها الخارجية دفع البلاد باتجاهها.

الهدف..

الجمعة 9 يوليو 2021م