البعث يفند مزاعم رئيس مجلس السيادة، ويصف اللهث المتهافت وراء لعبة (التطبيع) بالتجارة الخاسرة، والتفريط المجاني في الثوابت الوطنية

حزب البعث العربي الاشتراكي

مكتب الإعلام

البعث يفند مزاعم رئيس مجلس السيادة، ويصف اللهث المتهافت وراء لعبة (التطبيع) بالتجارة الخاسرة، والتفريط المجاني في الثوابت الوطنية

فند حزب البعث العربي الاشتراكي، إدعاءات الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، بشأن ما أسماه “بالتأييد الشعبي الواسع” و”الترحيب الكبير”، بلقائه مع رئيس وزراء العدو الصهيوني، بنجامين نتنياهوـ في عنتيبي، بيوغندا، في التصريحات، التي أدلى بها لجريدة الشرق الأوسط، والتي أعيد نشرها.

وقال المهندس عادل خلف الله، المتحدث الرسمي للبعث، في تصريحات صحفية، إن إدعاءات التأييد والترحيب بالتطبيع الذي يتزعمه علناً رئيس مجلس السيادة، لا أساس لها في الواقع، بدليل أن نشاط المنبطحين التطبيعي طوال عام كامل، من مقابلته نتنياهو في أول فبراير عام 2020، وحتى مقابلته مع إيلي كوهين وزير الاستخبارات (الصهيونية)، الذي زار الخرطوم، مطلع يناير 2021، ظل يتم في السر، وفي كامل “التعتيم”، بحيث أنه لم يتسن للرأي العام السوداني، والعربي والإسلامي، الاطلاع على ذلك النشاط التخاذلي المحموم الذي يتم باسمه، إلا من خلال الصحافة (الصهيونية)!

وقال خلف الله، إن عملية الاستسلام للتحالف الامبريالي الصهيوني ما زالت تتواصل بشكل تآمري، وفي غطاء كامل من “الدغمسة”، بعيداً عن الشعب السوداني، وبمخالفة صريحة لمواقف قواه الرئيسة السياسية والفكرية والاجتماعية المعلنة، الذي يزعم أنه يَلْتَمس مصالحه العليا في (التطبيع) مع كيان عدواني توسعي، لا يخفي أن السودان جزءاً من دولته الكبرى، كما لا يخفي دوره في تقسيم السودان وإضعافه، وأن فصل الجنوب عن الشمال لم يكن ليتم لولا دوره، الذي أقر به الرئيس سلفاكير في خطاب علني في أول زيارة خارجية له بعد الانفصال، مع تأكيد تصريحات عدد من مسؤولي العدو الصهيوني، سيما وزير الاستخبارات الذي تم استقباله سراً في الخرطوم، بأن فصل الجنوب مقدمة للسيطرة على (السودان بموارده الهائلة).

إن هذا النهج، مع المواقف التاريخية والمتجددة للقوى الرئيسة، التي استهلها الراحل الإمام الصادق المهدي في محاضرته القيمة في جامعة الأحفاد، والتي أكدها بأصالة وقوة ووضوح في اللقاء الذي جمع السيدين رئيسي مجلسي السيادة والوزراء مع عدد من قيادات وممثلي القوى السياسية، يكشف كما أكد خلف الله، عدم دقة إفادة السيد رئيس مجلس السيادة، التي وصف فيها مخالفي توجهه الاستسلامي الانهزامي (بالأقلية الآيدلوجية). ويغفل عن أن موقفه ينطلق من (آيدلوجيا) الانهزام والاستسلام لأسوأ حركة (آيدلوجية) عرفتها الإنسانية، عقيدتها العنصرية والدولة الدينية.

وأكد المتحدث الرسمي للبعث، إن عزلة عملية (التطبيع)، وعزلة القائمين عليها، رسميين وغير رسميين، تتجسد بشكل صارخ، لا في تغييب الشعب السوداني صاحب المصلحة، والمواقف الخالدة في مناهضة الاستعمار ومناصرة حركات التحرر، ورائد الاستقلالية، حسب، وإنما في تغييب مستويات السلطة الانتقالية ذات الصلة، ممثلة بدءاً من مجلس السيادة الانتقالي، ومجلس الوزراء الانتقالي، الأمر الذي يثير التساؤل بشأن صناعة القرار الرسمي: مدى مؤسسيته، ومدى ديموقراطيته، ومدى حرصه على التقيد بمهام الفترة الانتقالية، وعدم التفريط في وحدة السودان، وأمنه وصيانة استقلال قراره الوطني، وربما يفسح المجال أمام استمرار أسباب تغييب المجلس التشريعي الانتقالي، وعدم استكمال بنيان السلطة الانتقالية، والتلكؤ في إصلاح الخدمة بشقيها المدني والعسكري، والحزم في تصفية بنية التمكين والفساد داخلها.

وقال خلف الله: إن الإنفراد والتجاوز في اللهث وراء التطبيع، دون سائر مؤسسات الحكم، ودون اختصاص، وفي مخالفة صريحة لمهام الانتقال والقانون، قانون مقاطعة العدو الصهيوني، الذي أقره برلمان منتخب عام 1958، وفي انتهاك متعمد للوثيقة الدستورية، هو سلوك يَنُم عن نزوع مبطن نحو الديكتاتورية وحكم الفرد، ولا يتسق مع التوجهات الديموقراطية للانتقال، ولقواعد الدولة المدنية. وفي ذات الوقت، فإن (التطبيع) مع العدو الصهيوني لم يكن من أجندة انتفاضة ديسمبر الجسورة، ولا من أولويات السلطة الانتقالية، ولا ضمن برامج المرحلة، التى تجسد المصلحة العليا، التي توافقت عليها سائر القوى السياسية والفكرية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني.
وقد أقر رئيس الوزراء، الدكتور عبد الله حمدوك، عقب مباحثات أجراها مع وزير الخارجية الأمريكي السابق، مايك بومبيو، خلال زيارته للخرطوم، إن مسألة التطبيع، ليست من مهام السلطة الانتقالية، وإنما هي من اختصاص الحكومة والبرلمان المنتخب. ومع ذلك لم يجد مجلس الوزراء حرجاً في اقتراح إلغاء قانون مقاطعة العدو الصهيوني، لتسريع عملية التطبيع، المنافية للشرعية وللقانون.
واستطرد خلف الله، قائلاً: إنه، وعلى عكس مزاعم دعاة (التطبيع) بشأن المصلحة الوطنية، فإن التطبيع وطقوسه وتوقيته، قد ارتبط وثيقاً بالانتخابات الأمريكية والصهيونية، وبتوظيف التطبيع، كإنجاز دبلوماسي، أمريكي – صهيوني، لدعم فوز كل من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الصهيوني، بنجامين نتنياهو، في تلك الانتخابات، وفي إطار (صفقة القرن) ولم يكن ثمة أي مصلحة سودانية، يمكن أن يلتمسها أي مهرول، على رأسها تخفيف الضائقة المعيشية، في ذلك الإطار. فقد تم استخدام السودان واستثماره في تلك اللعبة من ألعاب الأمم، بلا مقابل تقريباً، بدفع من دولة الإمارات العربية، أساساً.
ومما يؤسف له، أن اللاعب السوداني في ذلك المضمار لم يحصل على ما كان يطلبه كمقابل، وهو مبلغ 3 بليون دولار أمريكي كقروض ومنح غذائية لثلاثة أعوام، من أجل تمرير صفقة التطبيع على الشعب السوداني. فقد رفض الطرف الثلاثي التكوين، الطلب، ووعد بدعم أقل، تمثل فيما قيمته 600 مليون دولار وقود من دولة الإمارات، و500 مليون دولار مساعدات واستثمارات من أمريكا، و10 مليون دولار مساعدة مالية من العدو الصهيوني، تدخل خزانة الدولة! ومع ذلك، فإن ذلك الوعد الثلاثي، الذي تمخضت عنه المفاوضات، التي جرت في أبو ظبي، في سبتمبر 2020، مع تواضعه، لم يتحقق حتى الآن “قمحاً ونفطاً… وتمني”، رغم مضي فريق الاستسلام في تنفيذ مطلوبات التطبيع، لدرجة عدم الابقاء على أي (كرت) بمنطق المساومين، وبما يفوق توقعات التحالف. وهو ما يعيد للأذهان المصائر الفاجعة التي انتهى اليها من سبقوهم.
واختتم المهندس عادل خلف الله، تصريحه بالقول: إن التطبيع، بعيداً عن زيف الوعود التي اكتسى بها، في حقيقته، ليس مجرد مفارقة للمصلحة العليا للسودان وشعبه، واستسلام للإرادات الخارجية وإملاءاتها، فحسب، وإنما هو، مع كل ذلك، تجارة خاسرة بكل المقاييس، تدير ظهرها لطبيعة الكيان الصهيوني، ومخاطره على وحدة وأمن وازدهار وتقدم السودان، وفرص تحقيق الانتقال السلمي الديمقراطي وبناء السلام.

حزب البعث العربي الاشتراكي

مكتب الإعلام

الخرطوم 18 أبريل 2021