إسترداد القرار الوطني واجب وطني…

إسترداد القرار الوطني واجب وطني…

للمرة الثانية، يتوجه رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، إلى يوغندا، ليلتقي برئيس الوزراء، الإسرائيلي، بنيامين نتياهو، حسب ما أوردته صحف يوم أمس الخميس، هي إذن المرة الثانية، التي يعمل فيها البرهان، بشكل منفرد، ودون تفويض، للتقرير في مسألة تخرج عن اختصاصه، وعن اختصاص كامل السلطة الإنتقالية، وتفويضها، وإنما هي، كما استقر الرأي الوطني، من اختصاص المؤسسات الديموقراطية المنتخبة، وعلى رأسها البرلمان. باعتبار أن الكيان الصهيوني مهدد لأمن السودان ووحدته واستقراره وتقدمه الاقتصادي ،وسلامة تماسكه ونسيجه الاجتماعي ،إضافة إلى تهديده لأمن البحر الأحمر ومياة النيل والقرن الافريقي .

في المرة الأولى، تعامل الفريق البرهان، وفريق الخنوع للكيان الصهيوني، الذي يتعاون معه ممعن في السرية، من وراء المؤسسات ذات الصلة، مثل مجلس السيادة ومجلس الوزراء، وبعيدا عنها، وفي تجاهل تام للرأي العام الوطني، الذي من حقه أن يعرف، وفق مقتضى الشفافية، غير أنه لم يتسن ذلك إلا بعد أن كشفتها الصحف (الإسرائيلية)،وما أثارته ردود فعل واسعة تم التعامل معها بكثير من الارتباك والتناقض والتضارب في التصريحات، لتغطية هذا التجاوز للقوانين السودانية، التي تجرم التعامل مع العدو الصهيوني، وللاعراف والثوابت السياسية السودانية.

إذ لم يعد سرا أن دولة الإمارات العربية هي التي تقف وراء الضغوط على بعض أطراف السلطة الإنتقالية من أجل الرضوخ والانبطاح للكيان الصهيوني، ولاعتبارات لاعلاقة لها بالمصالح العليا للسودان، قدر ارتباطها بدعم دونالد ترامب وبنجامين نتياهو للفوز في انتخابات في الولايات المتحدة، وفي دولة الكيان الصهيوني من جهة. ومخطط اضعاف وتفتيت السودان واقطار محيطه العربي الافريقي ،بمزيد من تغلغل الدور الصهيوني فيها .

وفي هذا الإطار يبدو أن فريق الانبطاح،في تماهيه مع الاملاءات الخارجية، غير حريص على التقيد بأي قوانين أو مبادئ أو أعراف سياسية.

من الغريب أن تكون زيارة البرهان الثانية ليوغندا، للقاء نتياهو، تجيء، بعد قمة الاتحاد الأفريقي التي انعقدت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وشارك فيها السودان، والتي تبنت موقفا مؤيدا للقضية الفلسطينية، ولنضال الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه المشروعة، وفق ما استقرت عليه قرارات الشرعية الدولية،ومطالبتها الصريحة بإنهاء كافة اشكال العلاقات مع الكيان العدواني التوسعي، وبعد إجازة مجلس الوزراء لخطة عمل الحكومة، التي راعت، رغم عموميتها، إسقاط الأجندة غير المتفق عليها، حفاظا على وحدة القرار الوطني و الحكومي ووحدة الجبهة الداخلية. ومع ذلك فقد آثر رئيس مجلس السيادة تخطي السلطة التنفيذية، وتجاوز برنامجها، للخوض في قضايا السياسة الخارجية وعلاقات السودان الخارجية ،ووفق تقديره واجتهاده، في خروج صريح على نصوص الوثيقة الدستورية، وعلي مهام الفترة الانتقالية، وهو سلوك لايمكن قبوله أو تبريره. ان الشعب السوداني ليس ملزما ولا معنيا، بأي اتفاقات أو تفاهمات،تهدد امنه واستقراره ووحدته وسيادته،و لا تعبر عن إرادته، وعن مواقفه التاريخية، في مساندة الشعوب المناضلة في العالم من أجل حقوقها المشروعة، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني.

أن تجاهل الرأي العام السوداني،والأفريقي، وإعلاء الأجندة الخارجية، مثل (التطبيع) والاقتصاد الحر، على الأجندة والأولويات الوطنية، يكشف بجلاء ضرورات النضال من أجل استرداد القرار الوطني،

بالاستعجال في تكوين المجلس التشريعي،

بالتمسك بالوثيقة الدستورية،

أعمال قانون مقاطعة إسرائيل في مساءلة كل من يتعامل مع العدو الصهيوني وكيانه الغاصب،

وإسقاط أي نتائج تترتب على أي اتفاقات غير شرعية، تتعلق بالخنوع للدولة العبرية العنصرية ،وحشد الإرادة الوطنية لضمان استقلال القرار الوطني وتحقيق متطلبات الانتقال السلمي الديمقراطي.