من يحمي أطفال بلادي؟

18/8/2018

من يحمي أطفال بلادي

بقلم: د. ستنا بشير

عندما فاجأ إعصار (جونو) سلطنة عمان سنة 2007م، لجأت السلطات للمدارس لإيواء سكان المناطق الساحلية خوفاً من تأثير الاعصار وارتفاع الأمواج، نعم المدارس لأنها بُنيت وفق مواصفات عالية، ويعتمد على صمودها أمام الإعصار، كل المدارس في أنحاء السلطنة بُنيت بنفس التصميم والمواصفات، حتى في القرى الصغيرة، بالرغم من قلة عدد سكانها، وحتى سكان المناطق الجبلية وفرت لهم السلطات مدرسة ومركز صحي أيضاً.
في بلدنا، أصبحت المدرسة تحصد أرواح أطفالنا، فإن لم تسقط جدرانها على رؤوسهم وتهشمها أثناء اليوم الدراسي، تصعقهم كهرباء من عمود كهرباء مجاور للمدرسة، أو ينقلب بهم مركب ويغرقوا وهم في طريقهم للمدرسة…
هل من المعقول أن يسمح لأطفال بالذهاب للمدرسة في مركب؟!!
بدلاً عن بص مدرسة مركب مدرسة!
أين نحن من قانون حقوق الطفل الأساسية؟ فشلنا في حماية أطفالنا هو أكبر مقياس لمدى التدهور الذي وصلنا إليه.
هجَّر نظام الحركة الاسلامية سكان المناصير رغماً عنهم، لإنشاء سد مروي، هو نفس السد (السد السد، السد للرد)، الذي لم نر من ورائه فائدة، وإنما فقط مصيبة تلو الأخرى، من التهجير وتبعاته الى ما دُفن حوله وما نهب من ورائه.
لم يكلفوا أنفسهم عناء انشاء مدارس جديدة، أو توفير طريق معبد آمن، أو حتى كباري لتسهل وصول العربات الى المدارس، والنتيجة بدلاً من أن يعود أبناء المناصير وهم مسلحون بشهاداتهم وعلمهم، ابتلعهم النيل وابتلع معهم أحلامهم، وآمال أسرهم وأفراحها، وتحولت المنطقة لمأتم كبير، وسرادق عزاء لجثامين لم يتم العثور عليها حتى اللحظة.
هي قمة المأساة، ولكن فصولها الحقيقية امتدت قديماً لكل صباح تودع فيه الأسر أبنائها وهم يتكدسون في ذاك المركب القديم، في مشهد يشابه قوارب المهاجرين غير الشرعيين إلى اوروبا، وهم يغامرون بأرواحهم أملاً في مستقبل أفضل، بعد أن استنفذوا كل طرق العيش الكريم في بلادهم.
أتساءل كيف تحملت الأمهات تلك اللحظات كل يوم، أن تسلم أطفالك لأهواء البحر يفعل بهم ما يشاء، بعيداً عن ناظريك ؟
نودع أبناءنا في طريقهم للمدرسة في وسائل نقل آمنة نسبياً، أو لنقل هي أفضل ما يتاح لنا، ورغم ذلك لا يفارقنا القلق حتى يعودوا سالمين في نهاية اليوم الدراسي.
من الذي يستطيع أن يحمل على أكتافه وزر كل هذا العذاب؟

يحكى أن في اليابان قررت ادارة السكة حديد إلغاء إحدى محطات توقف القطار، ولكن عندما علموا أن هنالك طالبة تركب من هذه المحطة كل يوم للوصول لمدرستها، تراجعوا عن قرارهم واستمر القطار في التوقف يومياً لنقل طالبة واحدة فقط، أين نحن من احترام قيمة الانسان؟

ضاقت صدرونا بالأحزان التي تتجدد كل يوم، آن أوان العمل من أجل التغيير الذي يضعنا على عتبة الحياة الكريمة.